منه وعنه والعبودية لله شرف وأيّ شرف كما قال الشاعر:
ومما زادني شرفا وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك ياعبادي وجعلك خيرخلقك لي نبيا
قوله:(وروي أنّ وفد نجران الخ) هذا نقله الواحديّ رحمه الله تعالى في أسباب النزول عن الكلبيّ رحمه الله تعالى. قوله:(عطف على المسيح) هذا هو الظاهر، وفيه وجوه أخر، وهو أن يكون عطفاً على الضمير المستتر في يكون أو عبداً لأنه صفة، ولذا يقال هو عبد أبوه، ويكون وصفهم بكونهم عبداً لأنّ المراد، ولا كل واحد منهم أن يكون عبدا لفه لا هو له وصف مقدر بقرينة الملفوظ أي، ولا الملائكة أن يكونوا عبيداً لذ أو هو من عطف جملة على جملة، وعلى الوجوه السابقة من عطف مفرد على مفرد فهو فاعل فعل مقدر هو ومعموله كما صرح به، وقول المصنف رحمه الله تعالى أي ولا يستنكف الخ تقرير لمحصل المعنى، واشارة إلى تقدير متعلق الفعل معه نلا يرد عليه أنه يقتضي تقدير الفعل ومتعلقه فلا يكون معطوفا على المسيح بل من عطف الجمل كما مرّ وترك المصنف رحمه الله تعالى هذه الاحتمالات لأنّ المعنى على عطفه على المسيح بل إعادة لا تعين عطفه، ولذا قال صاحب التقريب أن غيره ليس بصحيح فتدبر. قوله:(واحتج به من زعم فضل الملافكة الخ) هذه المسألة مفصلة في الكلام، ووجه الاستدلال ظاهر لأنّ الذي تقتضيه قواعد المعاني وكلام
العرب الترقي من الفاضل إلى الأفضل فيكون المعنى لا يستنكف المسيح، ولا من هو فوقه كما يقال لن يستنكف من هذا الأمر الوزير، ولا السلطان دون العكس لكته قيل إنه لا يفيد إلا الفوقية في المعنى الذي هو مظنة الاستنكاف، والترفع عن العبودية، وهو هنا بزعم النصارى الروحانية التي فيه من جهة أنه لا أب له، وكمال القدرة، والتأييد الذي به يحيي الموتى، ونحوه، وهذا في الملائكة أقوى لأنهم لا أب لهم، ولا أمّ ولهم بإذن الله من قوة قلع الجبال، ومزاولة مضاعف الأعمال، والتصرف في الأهوال، والأحوال ما يقل في جنبه الأحياء، والإبراء وهم مع ذلك لا يستنكفون عن العبودية فكيف بعيسى صلى الله عليه وسلم ولا دلالة لهذا على الأفضلية المختلف فيها كما يشهد به الذوق إذ هي كثرة الثواب كما قرروه، وقد وجهوا كل ما ورد فيه ما يقتضي الأفضلية بنحوه، وأجروه على هذا النمط. قوله:(وجوابه أن الآية للرد على عبدة المسيح والملافكة الخ) يعني سوق الآية، وان كان للرد على النصارى لكنه أدمج فيه الرد على عبدة الملائكة المشاركين في رفع بعض المخلوقين عن مرتبة العبودية إلى درجة المعبودية، وادعاء انتسابهم إلى الله بما هو من شوائب الألوهية، وخص المقربون لأنهم كانوا يعبدونهم دون غيرهم وردّ هذا الجواب بأنّ هذا لا ينفي فوقية الثاني كما هو مقتضى علم المعاني، ولا ورود له لأنه يعلم من التقرير دفعه لأن المقصود بالذات أمر المسيح فلذا قدم، ولو سلم أنه لا ينفي الفوقية فهو لا يثبتها كما إذا قلت ما فعل هذا زيد ولا عمرو وهو يكفي لدفع حجة الخصم، وأما كون السياق، والسباق يخالفه فليس بشيء لأنّ المجيب قال إنه إدماج واستطراد. قوله:(وإن سلم اختصاصها بالنصارى فلعله أراد الخ) يعني أنّ مجموع الملائكة أفضل من عيسى، واخوانه من الأنبياء، والمرسلين، والكلام إنما هو في تفضيل الآحاد على الآحاد، وفي الانتصاف فيه نظر لأنّ مورده إذا بني على أنّ المسيح أفضل من كل واحد من آحاد الملائكة فقد يقال يلزمه القول بأنه أفضل من الكل كما أنّ نبينا محمداًءلمجحر لما كان أفضل من كل واحد من آحاد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كان أفضل من كلهم كما مر، ولم يفرق بين التفضيل على التفصيلى، والتفضيل على الجملة أحد ممن صنف في هذا المعنى، وقد كان طار عن بعض المعاصرين فضله بين التفضيلين، ودعوى أنه لا يلزم منه على التفصيل تفضيل على الجملة، ولم يثبت عنه هذا القول، ولو قاله أحد فهو مردود بوجه لطيف، وهو أنّ التفضيل المراد جل أماراته رفع درجة الأفضل في الجنة، والأحاديث متظافرة بذلك وحينئذ لا يخلو إمّا أن ترتفع درجة واحد من المفضولين على من اتفق أنه أفضل من كل واحد منهم أولاً ترفع درجة أحد منهم عليه لا سبيل إلى الأول لأنه يلزم منه رفع المفضول على الأفضل فيتعين الثاني، وهو