للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مِنْ أَنفُسِها، وكان مَنْ معَك مِنْ المهاجِرينَ لهُم قَراباتٌ يَحمُون بها أَهلِيهم وأَموالَهم بمكَّةَ، فأَحبَبتُ إذْ فاتَني ذلك مِنْ نَسبٍ فيهم أنْ أَتَّخِذ فيهم يَدًا يَحمُون بها قَرابَتي، وما فَعلتُ ذلك كفرًا ولا ارْتِدادًا عن دِيني ولا رِضًا بالكفرِ بعدَ الإسلامِ، فقال النبيُّ : «صَدَقَكُم». فكلامُ حاطبٍ مع إقرارِ رسولِ اللهِ صريحٌ في أنَّ مُجرَّدَ فِعلِ حاطبٍ ليس كفرًا؛ لذا قال لم أَفعَلْه كفرًا ولا رِدَّةً عن الدِّينِ.

فرعٌ: الرِّضَا بكفرِ الكافرينَ، أو عدمُ تَكفيرِهم، أو الشكُّ في كُفرِهم أو تَصحيحُ أيِّ مَذهبٍ مِنْ مَذاهِبِهم الكافرةِ، فهذا كفرٌ، ومِن ذلك الدعوةُ إلى وَحدَةِ الأديانِ، أو التَّقريبِ بين الأديانِ، أو ما يُسمَّى بالمِلَّةِ الإبراهيميَّةِ؛ إذْ مِنْ اعتقدَ أنَّ دِينًا غيرَ دِينِ الإسلامِ صحيحٌ، فإنه كافرٌ، لقولِه تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ *﴾ [آل عِمرَان: ٨٥]، ولقولِه تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلَامُ﴾ [آل عِمرَان: ١٩].

المسألة الخامسةُ: الحُكمُ بغيرِ ما أَنزَل اللهُ ﷿.

الحُكمُ بغيرِ ما أَنزَل اللهُ ﷿ يَنقسِم إلى أقسامٍ:

١) أنْ يَجحَد الحاكمُ حُكمَ اللهِ ، ومعنَى الجُحودِ: أنْ يَكذِب ويُنكِر أنَّ هذا حُكمُ اللهِ ﷿، وهذا كفرٌ بالاتِّفاقِ، قال تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النَّمل: ١٤].

٢) أنْ يُجوِّز الحاكمُ الحُكمَ بغيرِ ما أَنزَل اللهُ، فهذا هو الاسْتِحلالُ وهو كُفرٌ بالاتِّفاقِ، ومِمَّا يدلُّ على أنَّ الاسْتِحلالَ كفرٌ قولُه تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ

<<  <   >  >>