للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ب- ويأتي مُنكَّرًا غيرَ مُعرَّفٍ لا بالألِفِ واللامِ، ولا بالإضافةِ والتَّخصيصِ، فلا يُعَدُّ بالصورةِ الثانيةِ كُفرًا أكبرَ؛ بل الأصلُ فيه أنه كُفرٌ أصغرُ لا يُخرِجُ مِنْ المِلَّةِ.

٥ - أنَّ أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ يُعظِّمون لفظَ التكفيرِ جدًّا، ويَجعلونَه حقًّا للهِ ولرسولِه فقَطْ، فلا يَجوزُ ولا يَسوغُ عندهم تَكفيُر أَحدٍ إلاّ مَنْ كفَّرَه اللهُ أو كفَّرهُ رسولُه.

ولِذَا يَقول الطَّحاويُّ في عَقيدتِه المشهورةِ المُتداوَلَةِ: "ولا نُكفِّرُ أَحدًا مِنْ أهلِ القِبلةِ بذَنبٍ ما لم يَستَحِلَّه، ولا نَقول لا يَضُرُّ مع الإيمانِ ذَنبٌ لِمَنْ عَمِلَه".

٦ - أنَّ أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ يُفرِّقون بين الكفرِ المُطلَقِ والكفرِ المُعيَّنِ، ولهُم شروطٌ وضوابطُ وتَورُّعٌ ودِيانةٌ في إيقاعِه على المُعيَّنِين، فإنَّهم يَرَون كُفرَ المُعيَّنِ يَقَع عليه بنَفسِه، وأهمُّ هذه الشُّروطِ في إيقاعِ الكفرِ الأكبرِ عليه: بُلوغُ الحُجَّةِ عليه، واندفاعُ الشُّبهةِ عنه، ومِمَّن اعتَنَى بهذه المسألةِ تَفصيلاً أئمةُ الدَّعوةِ النَّجديَّةِ مِنْ الشيخِ محمدِ بنِ عبدِ الوهابِ، فأبنائِه وتَلامِيذِهم، فإنَّهم أَجْلَوها وحقَّقُوها تحقيقًا لا تكادُ تَجِده عند غَيرِهم، ويَضيقُ المَقامُ -في الواقع- عن تَتبُّع كَلامِهم وجَمعِه هنا، فالحمدُ لله.

جماهيرُ السَّلفِ على عَدمِ تَكفيرِ أعيانِ طَوائفِ الأُمَّةِ الثلاثِ والسَّبعين فِرقةً حتَّى تُقام عليهم الحُجَّةُ، وإنْ كان في اعتِقاداتِهم وأقوالِهِم ما هو كفرٌ بالاتِّفاقِ، فالإمامُ أحمدُ لم يُكفِّر أعيانَ المُعتَزِلةِ.

وههُنا أمرٌ مهمٌّ لا بُدَّ مِنْ التَّفطُّنِ له، وهو أنَّ ثَمَّةَ فَرْقًا بين مَراحلَ ثلاثٍ في الكفرِ المُخرِجِ عن المِلَّةِ والمُوجِبِ للرِّدَّةِ، وهي:

<<  <   >  >>