للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أ- تَعيينُ أنَّ هذا الجُرمَ مِنْ الكفرِ الأكبرِ بالدَّلائلِ الشرعيَّةِ.

ب- ثُم مَرحلةُ تَكفيرِ المُعيَّنِ المُواقِعِ لهذا الجُرمِ؛ باجتماعِ الشُّروطِ فيه وانتفاءِ المَوانعِ عنه، وهو مُنَاطٌ بالقُضاةِ الشَّرعِيِّين أَصالةً.

ج- ثُم مَرحلةٌ ثالثةٌ بعَدمِ القَطعِ له بعدَ الموتِ بالخُلودِ في النارِ، مع إجراءِ أحكامِ الكفرِ عليه في أحكامِ الدُّنيا، واللهُ أعلمُ.

التَّفريقُ بين التَّكفيرِ المُطلَقِ وتَكفيرِ المُعيَّن:

مِنْ أصولِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ: التفريقُ بينَ التكفيرِ المُطلَقِ وتَكفيرِ المُعيَّنِ؛ لأنَّ مِنْ المُمكِن أنْ يَقولَ المسلمُ قَولاً أو يَفعلَ فِعلاً قد دلَّ الكتابُ والسُّنةُ وإجماعُ الأُمَّةِ على أنه كُفرٌ ورِدَّةٌ عن الإسلامِ، ولكنْ لا تَلازُمَ عندهم بينَ القولِ بأنَّ هذا كفرٌ، وبين تكفيرِ الشَّخصِ بعَينِه؛ فليسَ كلُّ مَنْ فَعَل مُكفِّرًا يُحكَم بكُفرِه؛ لأنَّ هناكَ شُروطًا ومَوانعَ يَجِب مُراعاتُها واعتبارُها، فأهلُ السُّنةِ يَقولون: مَنْ قال هذا فهو كافرٌ، ومَن فَعَل كذا فهو كافرٌ، وعندما يَتعلَّق الأمرُ بالشَّخصِ المُعيَّنِ الذي قالَه أو فَعلَه، لا يَحكمون بكفرِه حتَّى تَجتمِعَ فيه الشُّروطُ وتَنتفِيَ عنه المَوانعُ، فعِندئذٍ تَقوم عليه الحُجَّةُ الَّتي يَكفُر تاركُها.

وهذه قاعدةٌ عظيمةٌ يَتميَّزون بها عن غيِرهم؛ لأنَّ التكفيرَ ليس حقًّا لأَحدٍ، يَحكُم به على مَنْ يشاءُ على وَفقِ هواهُ؛ بل التكفيرُ حُكمٌ شرعيٌّ يَجِب الرُّجوعُ في ذلك إلى ضوابطِ الشَّرعِ؛ فمَن كفَّرَه اللهُ تعالى أو رسولُه وقامَت عليه الحُجَّةُ؛ فهو الكافرُ.

قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ رحمهُ اللهُ تعالى: "إنَّ الْقَوْلَ قَدْ يَكُونُ كُفْرًا فَيُطْلَقُ الْقَوْلُ بِتَكْفِيرِ صَاحِبِهِ، وَيُقَالُ: مَنْ قَالَ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ لَكِنَّ الشَّخْصَ الْمُعَيَّنَ الَّذِي قَالَهُ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي يَكْفُرُ تَارِكُهَا،

<<  <   >  >>