للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَهَذَا كَمَا فِي نُصُوصِ الْوَعِيدِ، فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا *﴾ [النِّسَاء: ١٠] فَهَذَا وَنَحْوُهُ مِنْ نُصُوصِ الْوَعِيدِ حَقٌّ لَكِنَّ الشَّخْصَ الْمُعَيَّنَ لَا يُشْهَدُ عَلَيْهِ بِالْوَعِيدِ، فَلَا يُشْهَدُ لِمُعَيَّنِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِالنَّارِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَلْحَقَهُ الْوَعِيدُ لِفَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ ثُبُوتِ مَانِعٍ".

وقال أيضًا: "وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يُكَفِّرَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ أَخْطَأَ وَغَلِطَ حَتَّى تُقَامَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَتُبَيَّنَ لَهُ الْمَحَجَّةُ، وَمَنْ ثَبَتَ إسْلَامُهُ بِيَقِينٍ لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ عَنْهُ بِالشَّكِّ؛ بَلْ لَا يَزُولُ إلاَّ بَعْدَ إقَامَةِ الْحُجَّةِ وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ".

موانعُ التَّكفيرِ:

التكفيرُ عند أهلِ السُّنةِ والجماعةِ له مَوانعُ تَمنع مِنْ تَنزيلِ الحُكمِ على الشَّخصِ بعَينِه إلاّ بعدَ تَوفُّرِ الشُّروطِ، وانتِفاءِ المَوانعِ الَّتي تَمنع تَكفيرَ المُعيَّنِ، ومِن هذه المَوانعِ وأَهمِّها:

• الجَهلُ: مِنْ شرطِ الإيمانِ عندَ أهلِ السُّنةِ، وُجودُ العِلمِ والمعرفةِ عندَ الشَّخصِ المؤمِنِ به؛ لِذَا فمَن أَنكَر أمرًا مِنْ أمورِ الشَّرعِ جاهلاً به، ولم يَبلُغْه ما يُوجِب العلمَ بِما جَهِلَه؛ فإنه لا يُكفَّر؛ حتَّى لو وَقَع في مَظهَرٍ مِنْ مَظاهِرِ الشَّركِ أو الكفرِ، فمِثلُ هذا لا يَستحِقُّ العُقوبةَ حتَّى تُقام عليه الحُجَّةُ.

• الخَطأُ: الخطأُ مِنْ مَوانعِ التَّكفيرِ في المسائلِ العلميَّةِ والعمليَّةِ إذا كان اجتهادًا لِطلَبِ الحقِّ ومُتابعةِ النبيِّ ، وغيرَ مقصودٍ لِمُخالَفةِ الشرعِ؛ لقولِه تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [الأحزَاب: ٥].

• الإِكْراهُ: الإكراهُ على الكفرِ بضوابِطهِ الشرعيَّةِ يُعتبَر مِنْ مَوانعِ التكفيرِ

<<  <   >  >>