للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لعَدمِ العدلِ: الأَنفعُ مِنْ الفاسِقَين، وأَقلَّهما شرًّا، وأَعدَل المُقلِّدَين، وأَعرَفَهما بالتَّقليدِ.

مسألة: إذا حكَّم اثنانِ فأكثرَ بَينَهما رجُلاً يَصلُح للقضاءِ فحَكَم بَينَهما؛ نَفَذ حُكمُه في كلِّ ما يَحكُم به القاضِي؛ لأنَّ عمرَ وأُبيًّا تَحاكَمَا إلى زيدِ بنِ ثابتٍ، وتَحاكَم عثمانُ وطَلحةُ إلى جُبيرِ بنِ مُطعِمٍ، أخرجَها وكيعٌ في أخبارِ القُضاةِ، ولم يَكُنْ أحدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنا قاضيًا، ولحديثِ أَبي شُرَيحٍ: "إذا اختَلَفُوا في شيءٍ أَتَوني فحَكَمتُ بينَهم فرَضِي كِلَا الفَريقَين، قال: «ما أَحسَنَ هَذا».

مسألة: أخلاقُ القاضِي الَّتي يَنبغي له التَّخلُّق بها:

١ - أنْ يَكون قويًّا على ما هو فيه، وعلى مَعرفتِه، مُستظهِرًا مُضطَلِعًا بالعلمِ، مُتمكِّنًا منه.

٢ - لَيِّنًا مِنْ غيرِ ضَعفٍ؛ لِئلَّا يَهابَه صاحبُ الحقِّ.

٣ - حَليمًا؛ لِئلَّا يَغضبَ مِنْ كلامِ الخصمِ، ذا أَنَاةٍ، أي: تُؤَدةٍ وتَأَنٍّ؛ لِئلَّا تُؤدِّي عَجلتُه إلى ما لا يَنبغي.

٤ - ذا فِطْنَةٍ؛ لِئلَّا يَخدعَه بعضُ الأخصامِ، بصيرًا بأحكامِ مَنْ قَبلَه، له مَعرفةٌ بالناسِ ومُجتمَعهم وأحوالِهم.

٥ - مَجلِسه في وَسَطِ البلدِ إذا أَمكَن؛ ليَستويَ أهلُ البلدِ في المُضِيِّ إليه، فَسيحًا لا يَتأذَّى فيه بشيءٍ مِنْ حرٍّ أو بردٍ، ولا يُكره القضاءُ في الجامعِ.

مسألة: يَجِب أنْ يَعدلَ بين الخَصمَين في لَحْظِه -نَظرِه إليهما-، ولَفظِه، ومَجلِسِه -جُلوسِهما بين يَدَيه-، ودخولِهِما عليه.

قال ابنُ القيِّمِ في إعلامِ المُوقِّعين ٣/ ١٧٣: "الحاكمُ مَنهيٌّ عن رَفعِ أَحدِ

<<  <   >  >>