للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٣ - يَحكُم بعِلمِه في حقِّ اللهِ تعالى على وَجهِ الحِسبَةِ، كأنْ يَسمَعَ مَنْ يُطلِّق زَوجَته طلاقًا بائنًا ثُم يَدَّعي الزَّوجيَّةَ بعدَ ذلك.

وإنْ جَرَح الخصمُ الشُّهودَ كُلِّف البيِّنةَ بالجَرحِ، وإنْ شَكَّ في الشُّهودِ سَألَهم القاضِي كيفَ تَحمَّلُوا الشهادةَ؟ وأينَ تَحمَّلُوها؟

فإنْ لم يَأتِ مدَّعِي الجَرحِ ببيِّنةٍ حُكِم عليه؛ لأنَّ عَجزَه عن إقامةِ البيَّنةِ على الجَرحِ دَليلٌ على عدمِ ما ادَّعاه.

مسألة: القاضِي بالنِّسبةِ للبيِّنةِ لا يَخلُو مِنْ ثلاثِ حالاتٍ:

١ - أنْ يَعلمَ عَدالَتَهم فيَحكُمَ بها.

٢ - أنْ يَعلمَ جَرحَهم فيَرُدَّها.

٣ - أنْ يَجهلَ القاضِي حالَ البيِّنةِ، فيَطلُبُ مِنْ المدَّعِي تَزكِيَتَهم لتَثبُتَ عَدَالَتُهم فيَحكُمَ له، ويَكفي في التَّزكِيَةِ واحدٌ يَشهدُ بعَدَالةِ الشَّاهدِ.

مسألة: إنْ احتاجَ القاضِي مَنْ يُترجِم له كلامَ أَحدِ الخُصومِ أو الشُّهودِ، يَكفي واحدٌ في التَّرجمةِ، وكذا في التَّزكيةِ للشاهدِ، والجَرحِ للشاهدِ، والتعريفِ للمَشهودِ عليه والمشهودِ له والمشهودِ به، وتعريفِ المحكومِ له، والمحكومِ عليه، والمحكومِ به، أمينٌ واحدٌ؛ لأنَّ النبيَّ أَمَر زيدَ بنَ ثابتٍ أنْ يَتعلَّم كتابَ يَهودَ، قال: "فكُنتُ أَكتُب له إذا كَتَب إليهم، وأَقرَأ له إذا كَتبُوا". رَواه البخاريُّ معلَّقًا، ووَصَله ابنُ حَجرٍ في التَّغلِيقِ.

مسألة: الحُكمُ على الغائبِ.

يَجوز الحُكمُ على الغائبِ؛ لقولِه تعالى: ﴿قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [ص: ٢٤].

للغائِب ثلاثُ حالاتٍ:

الأُولى: أنْ يَكون غائبًا عن مَجلسِ الحُكمِ، حاضرًا في البلدٍ وغيرَ مُستَتِرٍ، فلا يَجوز الحُكمُ عليه؛ لأنه يُمكِن سُؤالُه، فلَم يَجُزْ الحُكمُ عليه قَبلَه.

الثانيةُ: أنْ يَكون غائبًا عن مَجلسِ الحُكمِ حاضرًا في البلدِ لكنَّه مُستَتِرٌ.

الثالثةُ: أنْ يَكون غائبًا عن البلدِ. فيَجوزُ الحُكمُ في هاتَين الحالتَين، ثُم إذا حَضَر الغائبُ فهُو على حُجَّتِه.

لِما جاءَ في قصَّةِ قَتيلِ خَيبرَ حيثُ حَكَم النبيُّ على اليهودِ وهُم -غُيَّبٌ- بأنْ يَحلِفَ خَمسونَ منهم أنَّهم ما قَتلُوه ويَبرَؤُون، وتقدَّم. رَواه البخاريُّ ومسلمٌ.

<<  <   >  >>