للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ … *﴾ [المَائدة: ١٠٦].

ولِما روَى البخاريُّ عن ابنِ عباسٍ قال: "خَرَج رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهمٍ مع تَميمٍ الداريِّ وعَديِّ بنِ بَدَّاءٍ، فماتَ السَّهميُّ بأرضٍ ليسَ بها مسلمٌ، فلمَّا قَدِمَا بتَرِكَتِه فَقَدُوا جامًا مِنْ فِضَّةٍ مُخوَّصًا مِنْ ذَهَبٍ، فأَحلَفَهما رسولُ اللهِ ، ثم وُجِدَ الجامُ بمكةَ، فقالوا: ابْتَعْناهُ مِنْ تميمٍ وعَديٍّ، فقامَ رَجُلان مِنْ أَولِيائِه فحَلَفَا لَشَهادَتُنا أَحقُّ مِنْ شَهادَتِهما، وأنَّ الجامَ لِصاحِبِهم، قال: وفيهِم نَزلَت الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ … *﴾ [المَائدة: ١٠٦].

وتُقبَل شهادةُ الكفارِ بَعضِهم على بعضٍ.

الرابعُ: الحِفظُ، فلا تُقبَل مِنْ مُغفَّلٍ، ومَعروفٍ بكَثرةِ سَهوٍ وغَلطٍ؛ لأنه لا تَحصُل الثِّقةُ بقَولِه، وتُقبَل مِمَّن يَقِلُّ منه السَّهوُ والغَلطُ، والنِّسيانُ؛ لأنه لا يَسلَم منه أَحدٌ.

الخامسُ: العَدَالةُ، وهي لُغةً: الاستقامةُ، مِنْ العَدلِ ضِدِّ الجَورِ.

وشرعًا: هيئةٌ راسخةٌ في النَّفسِ تَحُثُّ على مُلازَمةِ التَّقوَى باجتِنابِ الكبائِرِ، وتَوقِّي الصَّغائِرِ، والتَّحاشِي عن الرَّذائِلِ المُباحةِ.

وعرَّف ابنُ حزمٍ العَدلَ بأنه: مَنْ لم تُعرَف له كَبيرةٌ، ولا مُجاهرةٌ بصغيرةٍ.

العدالةُ هنا في بابِ الشَّهادةِ تَرجِع إلى رِضَى الناسِ عن الشَّاهدِ، ومَعرفتِه بالصِّدقِ في الأقوالِ والأخبارِ، وعدمِ مَعرفتِه بالغَفلةِ والنِّسيانِ، قال عمرُ : "المسلِمونَ عُدُولٌ بعضُهم على بعضٍ، إلا مَجلودًا في حَدٍّ، أو مُجرَّبًا في شَهادةِ زُورٍ، أو ظَنِينًا -أي: مُتَّهمًا- في وَلاءٍ أو قَرابةٍ". رَواه البيهقيُّ، وفي الإرواءِ ٨/ ٢٩٣: ثَبَت في كتابِ عمرَ إلى أَبي موسَى.

<<  <   >  >>