ولأنَّ اللهَ تعالى لم يَأمُرْ برَدِّ خبرِ الفاسِقِ، بل أَمَر بالتَّثبُّتِ منه هل هو صادقٌ أو كاذبٌ؟ فإنْ كان صادقًا قُبِل قَولُه وعُمِل به، وفِسقُه عليه، وإنْ كان كاذبًا رُدَّ خَبرُه ولم يُلتَفَت إليه.
فرعٌ: تُقبَل شهادةُ الأخرسِ، إذا فُهِمَت إشارتُه؛ لأنَّ الشَّهادةَ يُعتَبر فيها اليَقينُ، أو أَدَّاها الأخرسُ بخَطِّه فتُقبَل؛ لقولِه تعالى: ﴿قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا﴾ [آل عِمرَان: ٤١]، والرَّمزُ في هذه الآيةِ مُستَثنى مِنْ الكلامِ استِثناءً مُتَّصِلاً، ومِن المُقرَّرِ أنَّ المُستَثنَى مِنْ جِنسِ المُستَثنَى منه، فدلَّ ذلك على أنَّ الرَّمزَ وهو الإشارةُ مِنْ الكلامِ، فيُعطَى حُكمَ الكلامِ.
ولِما روَى البخاريُّ عن عائشةَ ﵂ أنَّها قالَت:"صلَّى رسولُ اللِه ﷺ في بَيتِه وهو شاكٌّ فصلَّى جالسًا وصلَّى وَراءَه قومٌ قيامًا، فأشارَ إليهم أنْ اجْلِسوا". رَواه البخاريُّ ومسلمٌ.