للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفقهاءُ في نَقضِ الحُكمِ على قَولَين:

الأولُ: أنه يَجِب نَقضُه.

وبهذا قال الحسنُ البَصْريُّ، وحَمَّادُ، والأَوزاعيُّ، وسعيدُ بنُ المُسيَّبِ، وابنُ حَزمٍ؛ لأنَّ الحُكمَ إنَّما ثَبَت بشَهادةِ الشُّهودِ، فإذا رَجَعوا عنها زالَ ما ثَبَت به الحُكمُ، فيَجِب نَقضُه كمَا لو كانا كافِرَين.

الثَّاني: أنه لا يُنقَض الحُكمُ.

وبهذا قال جُمهورُ الفقهاءِ؛ لأنَّ كلامَ الشُّهودِ مُتناقِضٌ، فكمَا لا يُحكَم بالمتناقِضِ لا يُنقَض الحُكمُ بالمتناقِضِ؛ لأنَّ الكلامَ المتناقِضَ ساقطُ العِبرَةِ عَقلاً وشَرعًا.

وأمَّا ما يَتعلَّق بالضَّمانِ: فيَضمَن الشُّهودُ بعدَ صُدورِ الحُكمِ؛ لأنَّ الحقَّ ثَبَت للمشهودِ له على المشهودِ عليه فكان له استِيفاؤُه كمَا لو لم يَرجِعوا عن الشَّهادةِ.

وإذا كان الرُّجوعُ عن قِصاصٍ أو حَدٍّ فيُقتَصُّ مِنْ الشُّهودِ عندَ رُجوعِهم؛ لِما روَى الشَّعبيُّ: "أنَّ رَجُلَين شَهِدَا عندَ عليٍّ على رَجُلٍ أنه سَرَق فقَطَعَه، ثم أَتيَاه برَجُلٍ آخَرَ فقالَا: أَخطَأْنا بالأولِ وهذا السَّارقُ، فأَبطَل شَهادَتَهما على الآخَرِ وضَمَّنَهما دِيَةَ يَدِ الأولِ، وقال: لو أَعلَم أَنَّكُما تَعمَّدتُما لقَطَعْتُكما". رَواه البخاريُّ.

ولا مُخالِف له مِنْ الصحابةِ، فيَكون إجماعًا.

مسألة: المسائلُ الَّتي يُستَحلَف فيها:

١ - حُقوقُ اللهِ تعالى غيرُ الماليَّةِ كالحُدودِ، والعِباداتُ كالصلاةِ والصيامِ

<<  <   >  >>