للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٢ - أنْ يَكون المُقِرُّ عاقلاً، فلا يَصِحُّ إقرارُ الصَّبيِّ غيرِ المُميِّزِ، والمجنونِ، والمَعتُوهِ، والنائمِ بالاتِّفاقِ، والسَّكرانِ على الصَّحيحِ؛ لقولِه تعالى: ﴿حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النِّسَاء: ٤٣] والسَّكرانُ لا يَعلم ما يقول؛ لِما جاءَ في حديثِ بُرَيدةَ في قِصَّةِ ماعزٍ لَمَّا أَقرَّ بالزِّنَى، فقال النبيُّ له: «أَشَرِبْتَ خَمْرًا؟» قال: لا، فقامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ فلَم يَجِدْ فيهِ رِيحَ خَمْرٍ". رَواه مسلمٌ.

٣ - الاختيارُ، ويَأتي حُكمُ إقرارِ المُكرَه.

لقولِه تعالى: ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾ [النّحل: ١٠٦].

مسألة: ذَهَب الحسنُ بنُ زِيادٍ، وأَشهَبُ مِنْ المالكيَّةِ، وابنُ تَيمِيَّةَ، وابنُ القيِّمِ: إلى صِحَّةِ إقرارِ المُتَّهَمِ، إذا صَدَر بعدَ الإكراهِ بشَرطِ وُجودِ القَرينةِ على صِحَّةِ إقرارِه؛ لِما رَوَى ابنُ عمرَ : "أنَّ النبيَّ قاتَلَ أهلَ خَيبَر … فصَالَحُوه على أنْ يُجلَوا منها ولهُم ما حَمَلَت رِكابُهم ولرسولِ اللهِ الصَّفراءُ والبَيضاءُ فغَيَّبُوا مَسْكًا فيه مالٌ وحُليًّا لِحُيَيِّ بنِ أَخْطَبَ فقالَ رسولُ اللهِ لِعَمِّ حُيَيٍّ: «ما فَعَل مَسْكُ حُيَيٍّ؟»، فقال أَذْهَبَتْه النَّفقاتُ والحُروبُ، فقال: «العَهدُ قَريبٌ والمالُ أَكثرُ مِنْ ذلكَ»، فدَفَعَه رسولُ اللهِ إلى الزُّبَيرِ فمَسَّهُ بعذابٍ فقال: رَأيتُ حُيَيًّا يَطوفُ في خَرِبَةٍ هَهُنا فوَجَدُوا المَسْكَ في الخَرِبَةِ". رَواه البيهقيُّ وصحَّحه ابنُ حِبَّانَ.

وعن أنسٍ قال: "فانْطَلَقوا حتَّى نَزَلُوا بَدرًا، ووَرَدَت عليهم رَوَايَا قُرَيشٍ، وفيهم غلامٌ أسودُ لِبَنِي الحَجَّاجِ، فأَخذُوه، فكان أَصحابُ رسولِ اللهِ يَسألُونه عن أَبي سُفيانَ وأصحابِه، فيَقولُ: ما لِي عِلمٌ بأَبي سُفيانَ، ولكنْ هذا أبو جَهلٍ، وعُتبَةُ، وشَيبَةُ، وأُميَّةُ بنُ خَلفٍ، فإذا قال ذلكَ ضَربُوه، فقال: نَعَم، أنا أُخبِرْكم، هذا أبو سُفيانَ … ". رَواه مسلمٌ.

<<  <   >  >>