للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مسألة: إذا أَقرَّ بشيءٍ واستَثنَى بَعضَه فلا يَخلُو مِنْ ثلاثِ حالاتٍ:

الحالُ الأُولى: أنْ يَكون المستَثنَى أَقلَّ مِنْ المستَثنَى منه، كمَا لو أَقرَّ بعَشَرةٍ إلاّ ثلاثةً: فجائزٌ باتِّفاقِ الأئمةِ.

وله هذه الدَّارُ ولِي هذا البيتُ، يَصِحُّ ويُقبَل ولو كان أَكثرَها.

الحالُ الثانيةُ: أنْ يَكون المستَثنَى مُساويًا للمستَثنَى منه فباطلٌ باتِّفاقِ الأئمةِ، كمَا لو أَقرَّ بخَمسةٍ إلاّ خَمسةً؛ لأنًّ مُقتَضاه الرُّجوعُ عن الإقرارِ، والأصلُ إعمالُ كلامِ المُكلَّفِ لا إهمالُه.

الحالُ الثالثةُ: أنْ يَكون المستَثنَى أكثر مِنْ المستَثنَى منه؛ كما لو أَقرَّ له بعَشَرةٍ إلاّ ثمانيةً، فالمَذهَبُ عند الحنابلة عَدمُ صِحَّةِ الاستِثناءِ؛ لِمُخالَفَتِه مُقتَضَى اللُّغةِ، وعندَ الحنفيَّةِ، والمالكيَّةِ، والشافعيَّةِ صِحَّةُ الاستثناءِ؛ لأنَّ استِثناءَ الأكثرِ يَصِحُّ في الكَيفِ فيَصِحُّ في الكَمِّ، قال تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ *﴾ [الحِجر: ٤٢]، والغاوُوُنَ أَكثرُ مِنْ المُهتَدِين.

وتقدَّم بَقيَّةُ شُروطِ الاستِثناءِ في كتابِ الطَّلاقِ والأَيمانِ.

ضابطٌ: يَصِحُّ الاستِثناءُ مِنْ غيرِ جِنسٍ على الإطلاقِ، كمَا لو قال له مائةُ دِرهَمٍ إلا دِينارًا.

ضابطٌ: إنْ أَقرَّ بمُجمَلٍ كقولِه: له عليَّ شيءٌ، أو حَقٌّ، ونحوِ ذلك، طُلِب منه تَفسيرُه؛ لوُجوبِ تَفسيرِه عليه، فإنْ أَبَى حُبِس حتَّى يُفسِّرَه.

ويُقبَل تَفسيرُه بِما يُوافِق الظَّاهرَ وعُرْفَ المُقِرِّ؛ لِقاعدةِ العُرفِ، والعادةُ محكَّمةٌ.

<<  <   >  >>