للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٥ - العِلمُ بالمُقَرِّ له، باتِّفاقِ الأئمةِ على أنَّ الجَهالةَ الفاحِشَةَ بالمُقَرِّ له لا يَصِحُّ معها الإقرارُ، لأنَّ المَجهولَ لا يَصلُح مُستَحِقًّا؛ إذْ لا يُجبَر المُقِرُّ على البيانِ مِنْ غيرِ تَعيِينِ المُستَحَقِّ، فلا يُفِيد الإقرارُ شيئًا.

وأمَّا إذا كانَت الجَهالةُ غيرَ فاحشةٍ بأنْ قال: عليَّ ألفٌ لأَحدِ هذَين، أو لأَحدِ هَؤلاءِ العَشرةِ، أو لأَحدِ أَهلِ البلدِ وكانُوا مَحصُورِين، فالإقرارُ صَحيحٌ؛ لأنه قَدْ يُفِيد وُصولَ الحقِّ إلى المستَحِقِّ بتَحليفِ المُقِرِّ لكلِّ مَنْ حَصَرَهم، أو بِتَذكُّرِه.

مسألة: يَصِحُّ إقرارُ المريضِ للوارِثِ إذا لم يَكُنْ هناك تُهَمةٌ، وعدمُ قَبولِه مع التُّهَمةِ؛ لأنه في حالةِ عَدمِ وُجودِ التُّهَمةِ يَكون الإقرارُ صادرًا مِنْ مُكلَّفٍ، فيُقبَل كمَا يُقبَل إقرارُه للأَجنبيِّ الذي لا تُهَمةَ فيه؛ ولأنَّ العِلَّةَ مِنْ مَنعِ قَبولِ الإقرارِ للوارِثِ هي التُّهَمةُ فيَختَصُّ المنعُ بمَوضِعِها؛ لقولِه تعالى: ﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ [البَقَرَة: ٢٨٢]، وهذا عامٌّ.

ضابط: يَصِحُّ الإقرارُ بِكُلِّ ما أَدَّى مَعنَاه، ك: صَدَقتَ، أو: نَعَم، أو: أنا مُقِرٌّ بدَعوَاكَ، أو: أنا مُقِرٌّ. فقَطْ، أو: خُذْها، أو: اقْبِضْها، ونحوِه، قال اللهُ تعالى: ﴿فَهَلْ وَجَدْتُّمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ﴾ [الأعرَاف: ٤٤].

ضابطٌ: لا يُقبَل رُجوعُ المُقِرِّ عن إقرارِه إلاّ ما كان حَدًّا للِه تعالى، وتقدَّم في بابِ الحُدودِ حُكمُ الرُّجوعِ عن الحَدِّ.

مسألة: إنْ قال: كان له عليَّ كذا وقَضَيتُه، أو: بَرِئتُ منه، فقَولُ المُقِرِّ بيَمِينِه، ولا يَكون مُقِرًّا، فإذا حَلَف خُلِّيَ سَبيلُه؛ لأنه رَفَع ما أَثْبَتَه بدَعوَى القضاءِ مُتَّصِلاً، فكان القولُ قولَه، ما لم تَكُنْ عليه بَيِّنةٌ فيُعمَلُ بها.

<<  <   >  >>