للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لِقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا﴾ [المَائدة: ٣٣]. قالوا: وقَتلُ الغِيلةِ مِنْ الحِرابَةِ.

ولِحَديثِ أنسٍ قال: "لمّا قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُرَيْنةَ وعُكْلٍ على النبيِّ اجْتَوَوا المدينةَ، فشَكَوا ذلك إلى النبيِّ . فقال: «لَو خَرَجتُم إلى إِبِلِ الصَّدَقةِ فَشَرِبتُم مِنْ أَبوَالِها وأَلبَانِها»، ففَعَلُوا، فلمّا صَحُّوا عَمَدُوا إلى الرُّعاةِ فقَتَلُوهم، واسْتَاقُوا الإِبِلَ، وحارَبُوا اللَه ورسولَه، فبَعثَ رسولُ اللهِ في آثارِهم فأُخِذُوا فقَطَع أَيدِيَهم وأَرجُلَهم، وسَمَلَ أَعيُنَهم، وأَلْقاهُم في الشَّمسِ حتى ماتُوا). رَواه البخاريُّ ومسلمٌ.

قال ابنُ القَيِّمِ: "وهذا الحديثُ يَدُلُّ على أنَّ قَتلَ الغِيلةِ، يُوجبُ قَتلَ القاتلِ حَدًّا، فلا يُسقِطُه العفوُ".

ولِحَديثِ أنسٍ : (أنَّ يَهوديًّا رَضَّ رأسَ جارِيَةٍ بينَ حَجرَين، على أَوْضَاحٍ لها، أو حُلِيٍّ، فأُخِذ، واعْتَرفَ، فأمَرَ رسولُ اللهِ أنْ يُرَضَّ رأسُه بينَ حَجرَين» -تقدَّم قريبًا-.

وظاهرُ الحديثِ: أنَّ قَتلَ الغِيلةِ لا يُشترَط فيه إِذنُ الولِيِّ، فإنَّ رسولَ اللهِ لم يَدفَعْه إلى أَولِيائِها، ولم يَقُلْ إنْ شِئتُم فاقتُلوه، وإنْ شِئتُم فاعفُوا، بل قَتلَه حَتمًا.

مسألة: يَجوزُ الصُّلحُ عن القِصاصِ إلى مالٍ، سَواءٌ كان هذا المالُ قَليلاً أو كَثيرًا؛ لقولِه تعالى: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البَقَرَة: ١٧٨]، قال ابنُ عباسٍ : نَزلَت الآيةُ في الصُّلحِ عن دمِ القَتلِ العَمْدِ.

<<  <   >  >>