الثالثُ: إذا اجتَمعَت المباشَرةُ والسَّببُ وكانَت المباشَرةُ مبنِيَّةً على السَّببِ، وكان مِنْ المباشَرةِ عُدوانٌ، كانَت المسؤوليَّةُ مشترَكةً بينها وبين السَّببِ، مِثلُ: إذا أَكرَه شَخصٌ آخَرَ على قَتلِ معصومٍ، فإنَّهما يَشتركان في المسؤوليَّةِ.
مسألة: إنْ كانَت الجِنايةُ عَمدًا مَحضًا فالدِّيَةُ في مالِ الجانِي؛ لأنَّ الأصلَ يَقتضِي أنَّ بَدلَ المُتلَف يَجِبُ على مُتلِفِه، وتَكون حالَّةً غيرَ مؤجَّلةٍ كما هو الأصلُ في بَدلِ المُتلَفاتِ. قال النبيُّ ﷺ:«لا يَجنِي جَانٍ إلاّ على نَفسِه»، وقال لِبَعضِ أَصحابِه حينَ رأَى معه وَلدَه:«ابنُكَ هذا؟» قال: نعم. قال:«أَمَا إنَّه لا يَجْنِي عليكَ ولا تَجْنِي عَلَيه». قال تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعَام: ١٦٤].
ودِيَةُ شِبهِ العَمدِ والخطأِ: على عاقِلَتِه، أي: عاقِلَةِ الجانِي؛ لِحديثِ أَبي هريرةَ ﵁:"اقتَتَلَت امرَأَتان مِنْ هُذَيلٍ، فرَمَت إحدَاهُما الأُخرَى بِحَجَرٍ، فقتَلَتْها وما في بَطنِها، فقَضَى رسولُ اللهِ ﷺ بِدِيَةِ المرأَةِ على عاقِلَتِها". رَواه البخاريُّ، ومسلمٌ.
قال ابنُ قُدامةَ في المُغنِي ٩/ ٤٨٨:"ولا نَعلمُ بين أهلِ العِلمِ خِلافًا في أنَّ دِيَةَ الخطأِ على العاقِلَةِ. قال ابنُ المُنذِر: "أَجمعَ على هذا كُلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ".