للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولِما روَى أبو داودَ مِنْ حديثِ عمرانَ : "فأمَر بها النبيُّ فشُكَّت عليها ثِيابُها ثم أَمَر بها فرُجِمَت". وإسنادُه صحيحٌ.

مسألة: صِفَةُ السَّوطِ.

اتَّفق الأئمةُ على أنه يُجلَد الصَّحيحُ القويُّ في الحدودِ بسَوطٍ معتدِلٍ، ليس رَطبًا، ولا شديدَ اليُبُوسةِ، ولا خفيفًا لا يُؤلم، ولا غليظًا يَجرَح؛ لأنَّ الجديدَ يَجرحه، والخَلَقَ لا يُؤلِمُه.

والضابطُ: أن يكون الضرب مما يُؤلمه ولا يضرُّه. قال في المُغنِي ١٠/ ٣٣٢: "لا يُمَدُّ ولا يُربَط، ولا نَعلمُ عنهم في هذا خلافًا … وجَلَد أصحابُ رسولِ اللهِ ، فلَم يُنقَل عن أحدٍ منهم مَدٌّ ولا قَيدٌ ولا تَجريدٌ، ولا تُنزَعُ عنه ثيابُه بل يَكون عليه الثَّوب والثَّوبان، وإنْ كان عليه فَروٌ أو جُبَّةٌ محشُوَّةٌ نُزِعَت عنه؛ لأنه لو تُرِك عليه ذلك لم يُبالِ بالضَّربِ. قال أحمدُ: لو تُرِكَت عليه ثِيابُ الشِّتاءِ ما بالَى بالضربِ".

ولا يُبالِغ بضَربِه بحيثُ يَشُقُّ الجِلدَ؛ لأنَّ المقصودَ تَأديبُه لا إهلاكُه، ولا يَرفعُ ضاربٌ يدَه بحيثُ يَبدُو إِبْطُه؛ لأنَّ ذلك مبالغةٌ في الضربِ، وسُنَّ أنْ يُفرِّقَ الضربَ على بَدَنِه لِيأخُذَ كلُّ عُضوٍ منه حظَّه، ولأنَّ تَوالِي الضربِ على عضوٍ واحدٍ يُؤدِّي إلى القتلِ، ويُكثِر منه في مَواضعِ اللَّحمِ، كالأَلْيَتينِ والفَخِذَين، ويَضربُ مِنْ جالسٍ ظَهرَه وما قارَبَه.

ولا يَجوز أنْ يَضربَ الرَّأسَ والوجهَ والفَرْجَ والمَقاتِلَ، كالفؤادِ والخِصيَتَين؛ لِما روَى أَبو هُريرةَ ، عن النبيِّ قال: «إذا قاتَلَ أَحدُكم فليَجْتَنِب الوَجْهَ». رَواه البخاريُّ ومسلمٌ. ولأنه ربَّما أدَّى ضربُه على شيءٍ مِنْ هذه إلى قَتلِه، أو ذَهابِ مَنفعتِه.

<<  <   >  >>