للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عقوبةُ تائبٍ ألبَتَّةَ، قال شيخُ الإسلامِ في السِّياسةِ الشَّرعيَّةِ (١/ ٨٧): "ولِهذا اتَّفقَ العلماءُ -فيما أَعلمُ- على أنَّ قاطعَ الطريقِ واللِّصَّ ونحوَهُما إذا رُفِعوا إلى وليِّ الأمرِ ثم تابُوا بعد ذلك لم يَسقُط الحدُّ عنهم، بل تَجِبُ إقامتُه وإنْ تابُوا، فإنْ كانُوا صادِقِين في التوبةِ كان الحدُّ الكفَّارةَ لهم، وكان تَمكينُهم -وذلك مِنْ تَمامِ التوبةِ- بمَنزِلَةِ ردِّ الحقوقِ إلى أهلِها، والتمكينُ مِنْ استِيفاءِ القِصاصِ في حقوقِ الآدَميِّين … ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ *﴾ [المَائدة: ٣٤]، فاستَثنَى التائِبِين قَبلَ القُدرةِ عليهم فقَط، فالتَّائبُ بَعدَ القُدرةِ عليه باقٍ في مَنْ وَجَب عليه الحدُّ؛ للعُمومِ والمفهومِ والتعليلِ".

قال ابنُ القيِّمِ في إعلامِ الموقِّعين (٣/ ١٧٣): "فإذا رُفِع إلى الإمامِ لم تُسقِط تَوبتُه عنه الحدَّ؛ لِئَلَّا يُتَّخذ ذلك ذَرِيعةً إلى تَعطيلِ حُدودِ اللهِ؛ إذْ لا يَعجِز كلُّ مَنْ وَجَب عليه الحدُّ أنْ يُظهِر التوبةَ لِيتخلَّص مِنْ العقوبةِ، وإنْ تابَ تَوبةً نَصوحًا؛ سدًّا لذَرِيعةِ السُّقوط بالكليَّةِ"، وذكَر قِصَّةَ توبةِ ماعزٍ.

الأمرُ الثَّاني: أنْ يَكون ثُبوتُ الحدِّ بالإقرارِ؛ فإنه إنْ جاء تائبًا قُبِل رُجوعِه عن الحدِّ، وإلاّ لم يُقبَل.

<<  <   >  >>