للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اجْتَمَعَ حَدَّانِ لِلَّهِ تَعَالَى، فِيهِمَا الْقَتْلُ أَحَاطَ الْقَتْلُ بِذَلِكَ". ولأنَّ القتلَ أَقوى عقوبةٍ للزَّجرِ والرَّدعِ، ولا حاجةَ لِما سِواهُ مِنْ عقابٍ، فلا فائدةَ منه.

الثاني: ألاّ يَكونَ فيها قَتلٌ.

كما لو سَرَق وزَنَى غيُر المُحصَنِ، وشَرِب الخمرَ، فلا تَتَداخلُ ويُستوفَى جميعُها اتِّفاقًا.

فرعٌ: التَّداخُل بين عقوبةِ جِنايةِ الحدِّ والقِصاصِ.

١ - اتَّفق الفقهاءُ على أنه إذا اجتَمَع على الجانِي حدُّ القذفِ والقِصاصُ بسبَبِ اعتِدائِه على ما دونَ النَّفسِ فإنَّها تُقام العُقوباتُ كلُّها؛ لأنَّ حقَّ الآدميِّ مبنيٌّ على الشُّحِّ والضِّيقِ فهو كالدُّيونِ، وحقُّ اللهِ تعالَى مَبنيٌّ على المُسامحةِ.

٢ - إذا اجتَمَع على الجانِي حدُّ القَذفِ والقِصاصُ في النَّفسِ يُقام عليه حدُّ القَذفِ أوَّلاً، ثم يُقتَصُّ منه؛ لأنَّ حقَّ الآدَميِّين واجبُ الأداءِ، فهو مَبنيٌّ على المُشاحَّةِ، بخِلافِ حقِّ اللهِ تعالى المبنيِّ على المُسامحةِ.

مسألة: رُجوعُ مَنْ عليه حدٌّ، لا يَخلو مِنْ أمرَين:

الأولُ: أنْ يَكون ثُبوت الحَدِّ بالتَّوبةِ: فإنْ كانَت التَّوبةُ بَعدَ الرَّفعِ إلى وليِّ الأمرِ أو نائبِه لم يُقبَل رُجوعُه؛ لقولِه تعالى: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ [المَائدة: ٣٤]. ونَصُّه تعالَى على اعتبارِ تَوبةِ المُحارِبِ قَبلَ القُدرةِ عليه مِنْ بابِ التَّنبيهِ على اعتبارِ تَوبةِ غيرِه بِطَريقِ الأَولَى، فإذا دَفعَت تَوبتُه مع شِدَّةِ ضَررِه وتَعدِّيه فَلَأنْ تَدفَع تَوبةُ ما دَونَه بِطَريقِ الأَولَى.

وفي الصَّحيحَين في قِصَّةِ الذي قال: أَصبتُ حدًّا، فأَقِمْه عليَّ، قال: «أَلَيسَ قَدْ صَلَّيتَ مَعَنا؟» قال: نعم، قال: «فإنَّ اللَه قد غَفَر لك ذَنْبَك». قد رَفَع اللهُ العقوبةَ عن التائبِ شَرعًا وقَدَرًا، فلَيس في شَرعِ اللهِ ولا في قَدَرِه

<<  <   >  >>