للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فرعٌ: إنْ عَلِم المقذوفُ بالقَذفِ فيَجِب إخبارُ المقذوفِ واستِحلالُه؛ لحديثِ أَبي هريرةَ أنَّ النبيَّ قال: «مَنْ كانَت عندَه مَظلَمةٌ لأَحدٍ مِنْ عِرضٍ أو شَيءٍ فلْيَتحلَّلْه اليومَ قَبلَ ألاّ يَكونَ دينارٌ ولا دِرهمٌ». رَواه البخاريُّ.

وإنْ لم يَعلم؛ لا يَجِب إخبارُ المقذوفِ واستِحلالُه، بل تَكفي التوبةُ مع الاستغفارِ والدعاءِ، والثناءِ عليه؛ لقولِه تعالى: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هُود: ١١٤]، ولقولِه : «وأَتبِع السيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُها». رَواه أحمدُ والترمذيُّ وصحَّحه، ولأنَّ إخبارَ المقذوفِ تَترتَّب عليه فِتنةٌ وعداوةٌ.

مسألة: العُقوباتُ المترتِّبةُ على القذفِ:

١ - الجَلدُ: إذا قذفَ المكلَّفُ المختارُ مُحصَنًا؛ جُلِد ثَمانينَ جَلدةً؛ لقولِه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النُّور: ٤].

٢ - الحكم عليه بالفِسْق.

٣ - ردُّ الشَّهادةِ، ورَدُّ الشهادةِ يَسقُط بالتوبةِ؛ للآيةِ الآتيةِ.

مسألة: شُروطُ الإحصانِ في القَذفِ.

الشَّرطُ الأولُ: الإسلامُ، فمَن قَذَف غيرَ مسلمٍ لم يُحَدَّ، وإنَّما يُؤدَّب باتِّفاقِ الأئمةِ، قال ابنُ المنذِرِ: "وجُملةُ العلماءِ مُجمِعون، وقائِلُون بهذا القولِ، ولم أُدرِك أَحدًا ولا لَقِيتُه يُخالِف ذلك"؛ لقولِه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ *إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا﴾ [النُّور: ٤ - ٥].

الشَّرطُ الثَّاني: العَقلُ، باتِّفاقِ الأئمةِ، فلا يُحَدُّ مَنْ قَذَف مَجنونًا، ولكنْ

<<  <   >  >>