للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بَصَق عليه أو دَعَا عليه؛ فلَه أنْ يَفعل به نَظيرَ ما فَعَل به مُتحرِّيًا للعدلِ، وكذلك إذا كَسَعَه أو صَفَعَه؛ فلَه أنْ يَستوفيَ منه نَظيرَ ما فَعَل به سواءً، وهذا أَقربُ إلى الكتابِ والميزانِ وآثارِ الصحابةِ مِنْ التَّعزيرِ المخالِفِ للجنايةِ جنسًا ونوعًا وقَدْرًا وصفةً، وقد دلَّت السُّنةُ الصَّحيحةُ الصريحةُ على ذلك، فلا عِبرةَ بخِلافِ مَنْ خالَفَها".

وقال شيخُ الإسلامِ كمَا في الاختياراتِ ٤٤١: "ومَن دُعِيَ عليه ظُلمًا له أنْ يَدعوَ على ظالِمِه بمِثلِ ما دَعَا به عليه، نحوُ: أَخزاكَ اللهُ، أو لَعنكَ، أو يَشتُمه بغيرِ فَرْيةٍ، نحوُ: يا كلبُ يا خِنزيرُ؛ فلَه أنْ يقولَ له مِثلَ ذلك".

مسألة: أنواعُ التَّعزيرِ:

١ - التَّعزيرُ بالتَّوبيخِ والزَّجرِ؛ لحديثِ أَبي ذَرٍّ : قال لِيَ النبيُّ : «يا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَه بأُمِّه؟ إنَّكَ امْرُؤٌ فيكَ جاهليَّةٌ». رَواه البخاريُّ ومسلمٌ.

٢ - التَّعزيرُ بالحَبسِ، قال ابنُ القيِّمِ في مَدارجِ السَّالكينَ (١/ ٤٠١): "وإذا عُرِف الرَّجُلُ بالأَذَى بالعَينِ ساغَ، بل وَجَب حَبسُه وإفرادُه عن الناسِ، ويُطعَم ويُسقَى حتَّى يَموتَ، ذكر ذلك غيرُ واحدٍ مِنْ الفقهاءِ، ولا يَنبغي أنْ يَكون في ذلك خلافٌ؛ لأنَّ هذا مِنْ نصيحةِ المسلِمينَ ودَفعِ الأَذَى عنهم، ولو قيلَ فيه غيرُ ذلك لم يَكُنْ بعيدًا مِنْ أصولِ الشَّرعِ.

٣ - التَّعزيرُ بالجَلدِ، ولا حدَّ لأكثرِ الجَلدِ ولا لأِقلِّه، وإنَّما هو حسَب اجتهادِ الحاكمِ على قَدْرِ الذَّنبِ؛ لِوُرودِ الزِّيادةِ عن عمرَ في عُقوبةِ الخمرِ.

٤ - التَّعزيرُ بالعَزلِ عن المَنصِبِ، فعَن جابرِ بنِ سَمُرةَ، قال: "شَكَا أهلُ الكوفةِ سعدًا إلى عمرَ ، فعَزَله، واستَعمَل عليهِم عمَّارًا". رَواه البخاريُّ ومسلمٌ.

<<  <   >  >>