للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال هذا عندَ نُزولِ آيةِ السَّرقةِ مُجمَلةً مِنْ غيرِ بيانِ نِصابٍ، فقالَه على ظاهرِ اللَّفظِ. واللهُ أعلمُ".

والإجماعُ على حرمةِ السرقةِ، وعلى وجوب القَطعِ إذا توفَّرت شَروطُ القطعِ.

مسألة: شُروطُ القَطعِ في السرقةِ:

يُشترط للقَطعِ في السرقةِ شُروطٌ:

الأولُ: وجودُ السَّرقةِ، وهو أخذُ المالِ على وجهِ الاختِفاءِ، فلا قَطعَ على مُنتَهِبٍ، وهو الذي يأخذُ المالَ مُجاهرةً بالقوَّةِ، ولا مُختلِسٍ، وهو الذي يأخذُ المالَ بسُرعةٍ جَهرًا، ولا غاصبٍ، وهو الذي يأخذُ المالَ قهرًا.

لكنْ يُستثنَى مِنْ ذلك جاحدُ العاريَّةِ فيُقطَعُ؛ لحديثِ عائشةَ قالَت: " كانَت امرأةٌ تَستعير المَتَاعَ وتَجحدُه، فأمَر رسولُ اللهِ بقَطعِ يَدِها ". رَواه مسلمٌ، فهي سُنَّةٌ مُستقِلَّةٌ.

قال ابنُ القيِّمِ في إعلامِ الموقِّعِين (٢/ ٨٩): "مُوافقتُه للقياسِ والحكمةِ والمصلحةِ -أيْ قَطع جاحدِ العاريَّةِ- ظاهرةٌ جدًّا، فإنَّ العاريَّةَ مِنْ مصالحِ بَنِي آدمَ الَّتي لابُدَّ لهُم منها ولا غِنَى لهُم عنها، وهي واجبةٌ عند حاجةِ المُستعيرِ وضرورتِه إليها، إمَّا بأُجرةٍ أو مَجَّانًا، ولا يُمكِن المُعيرَ كلَّ وقتٍ أنْ يُشهِد على العاريَّةِ، ولا يُمكِن الاحترازُ بمَنعِ العاريَّةِ شَرعًا وعادةً وعُرفًا، ولا فَرقَ في المعنَى بين مَنْ تَوصَّل إلى أخذِ مَتاعِ غيرِه بالسرقةِ وبين مَنْ تَوصَّل إليه بالعاريَّةِ وجَحدِها، وهذا بخلافِ جاحدِ الوَديعةِ، فإنَّ صاحبَ المَتاعِ فَرَّط حيثُ ائْتَمنَه".

الثاني: أنْ يَكون المسروقُ مالاً محترَمًا؛ لأنَّ ما ليس بِمالٍ لا حُرمةَ له، ومالُ الكافرِ الذي بَينَنا وبينَه حربٌ تَجوز سَرِقتُه؛ لأنه ليس بمُحترَمٍ، ولا قَطعَ

<<  <   >  >>