للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقالُوا: بَلى، فخَرَجُوا، فشَرِبُوا مِنْ أَبوَالِها وأَلبَانِها، فصَحُّوا، فقَتَلُوا الرَّاعيَ وطَرَدُوا الإِبِلَ، فبَلَغ ذلك رسولَ اللهِ ، فبَعَث في آثَارِهِم، فأُدرِكُوا، فجِيءَ بِهِم، فأَمَر بِهِمْ فقُطِعَت أَيدِيهم وأَرجُلُهم، وسَمَر أَعيُنَهم، ثم نُبِذُوا في الشَّمسِ حتَّى ماتُوا". رَواه البخاريُّ ومسلمٌ.

مسألة: ثُبوتُ حدِّ قُطَّاعِ الطَّريقِ.

يَثبُت بالبَيِّنةِ، أو الإقرارِ، أو القَرائنِ، كمَا في حدِّ السرقةِ.

ولا يُشتَرط الحِرزُ، ونِصابُ السَّرقةِ؛ لِعمومِ آيةِ الحِرابةِ؛ لأنَّها لم تُعلِّق جزاءَ القَطعِ على نِصابٍ مُعيَّنٍ أو حِرزٍ، ولأنَّ الحِرابةَ حُكمٌ مُستقِلٌّ بِذاتِه.

ويُقتَل الأبُ والحرُّ بالولدِ والعبدِ، ويُقتَل المسلِمُ بالكافرِ؛ للآيةِ، ولأنَّه حدٌّ للهِ تعالى فلَا تُعتَبر المكافأةُ كالزِّنَى والسَّرقةِ.

مسألة: حَدُّ قُطَّاعِ الطَّريقِ لا يَخلُو مِنْ أُمورٍ:

١ - إنْ قَتَل وأَخَذ المالَ قُتِل وُجوبًا لِحقِّ اللهِ تعالى، يَقتُله الإمامُ حدًّا، لا يَجوز العَفوُ عنه بحالٍ بإجماعِ العلماءِ، وصُلِب حتَّى يَشتهِر أمرُه، ويَحصُلَ بذلك الرَّدعُ والزَّجرُ، وقيل: يُصلَب ثلاثةَ أيَّامٍ، ويُغسَل ويُصلَّى عليه.

الصَّلْبُ هو: الشَّدُّ على خَشبةٍ أو جِذعِ شَجرةٍ أو نحوِ ذلك.

٢ - وإنْ قَتَل المحاربُ ولم يَأخُذ المالَ قُتِل حَتمًا، ولم يُصلَب؛ لأنه لم يُذكَر في خبرِ ابنِ عباسٍ الآتِي.

٣ - إنْ جَنَوا بما يُوجِب قَوَدًا في الطَّرَفِ، كقَطعِ يَدٍ أو رِجلٍ ونحوِهما؛ وَجَب استِيفاؤُه كالنَّفسِ، ولَو عَفَا المَجنِيُّ عليه؛ لأنه حدٌّ.

٤ - إنْ أَخَذُوا المالَ ولم يَقتُلوا؛ قُطِع مِنْ كلِّ واحدٍ يَدُه اليُمنَى، ورِجلُه

<<  <   >  >>