للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اليُسرَى في مَقامٍ واحدٍ وجوبًا.

٥ - إنْ لم يُصِيبُوا نَفسًا ولا مالاً؛ نُفُوا مِنْ الأماكنِ الَّتي يَكون فيها الناسُ بأنْ يُشرَّدُوا متفرَّقِين فلا يُترَكون يَأْوُون إلى بَلدٍ حتَّى تَظهَر تَوبتُهم؛ لقولِه تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ﴾ [المَائدة: ٣٣] وقِيل: المُرادُ بالنَّفيِ الحَبسُ.

قال ابنُ عباسٍ : "إذا قَتلُوا وأَخذُوا المالَ؛ قُتِلوا وصُلِبوا، وإذا قَتلُوا ولم يَأخُذوا المالَ؛ قُتِلوا ولم يُصلَبوا، وإذا أَخذُوا المالَ ولم يَقتُلوا؛ قُطِعَت أَيدِيهم وأَرجُلهم مِنْ خلافٍ، وإذا أَخافُوا السَّبيلَ ولم يَأخُذوا مالاً؛ نُفُوا مِنْ الأرضِ". رَواه الشافعيُّ في المسندِ.

وقِيل في عُقوبةِ المحارِبِ: الإمامُ فيه مُخيَّرٌ بين أَربعةِ أُمورٍ: القَتلِ، والصَّلبِ، والقَطعِ مِنْ خلافٍ، والنَّفيِ، فيَختارُ الإمامُ ما يَراه مُناسِبًا؛ لآيةِ الحِرابةِ، فقَد ذَكرَت الآيةُ الكريمةُ الأَجْزِيَةَ مَعطوفةً على بَعضِها بحَرفِ (أو) الَّتي ظاهِرُها التَّخيِيرُ، كما في جَزاءِ الصَّيدِ، وكفَّارةِ اليَمينِ، وكفَّارةِ التَّرفُّه.

مسألة: لا تُشتَرط المباشرةُ في الحِرابةِ؛ فحُكمُ الرِّدْءِ حُكمُ المباشِرِ؛ لأنه حُكمٌ يَتعلَّق بالمحارَبةِ فاسْتَوَى فيه الرَّدْءُ وكذا الطَّلِيعُ كالمباشِرُ؛ لِما تقدَّم مِنْ الأدلَّةِ على قَتلِ الجماعةِ بالواحدِ.

٦ - مَنْ تابَ مِنْ المحارِبينَ قَبلَ أنْ يُقدَر عليه؛ سَقَط عنه ما كان واجبًا للهِ تعالى مِنْ نَفيٍ وقَطعِ يَدٍ ورِجلٍ وصَلبٍ؛ لقوله تعالى: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ *﴾ [المَائدة: ٣٤]، وتَحتَّم قَتلٌ، وأخذٌ بِما للآدَمِيِّين مِنْ نَفسٍ وطَرَفٍ ومالٍ، إلاّ أنْ يُعفَى له عنها مِنْ مُستحِقِّها.

<<  <   >  >>