للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

للتَّهلُكةِ، لِذَا كان الدِّفاعُ عنها واجبًا.

ولقولِه تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [الأنفَال: ٣٩].

ولأنه كمَا يَحرُم على المَصُولِ عليه قَتلُ نَفسِه، يَحرُم عليه إباحةُ قَتلِها، ولأنه قَدَر على إحياءِ نَفسِه، فوَجَب عليه فِعلُ ذلك، كالمُضطَرِّ لأكلِ المَيتةِ ونحوِها.

ويُستثنَى حالَتان مِنْ وُجوبِ الدَّفعِ:

الأُولى: في حالِ فِتنةٍ؛ فلا يَجِب الدَّفعُ عن نَفسِه، لقولِه في حديثِ أَبي ذَرٍّ : «فإنْ خَشِيتَ أنْ يَبهَرَك شُعاعُ السَّيفِ، فأَلْقِ ثَوبَك على وَجهِك». رَواه أحمدُ، وأبو داودَ، وابنُ ماجَه، ولأنَّ عثمانَ تَرَك القتالَ على مَنْ بَغَى عليه مع القُدرَةِ عليه، ومَنَع غيَره قِتالَهم، وصَبَر على ذلك. ولو لم يَجُز لأَنكرَ الصحابةُ عليه ذلك.

الثَّانيةُ: إذا كان الدَّفعُ لا يُجدِي ولا يُفِيدُ.

مسألة: يَجِب دَفعُ الصَّائِلِ على عِرْضِه أو عِرْضِ غَيرِه؛ لأنه لا سَبيلَ إلى إباحَتِه، ومِثلُ الزِّنَى بالبُضعِ في الحُكمِ مُقدِّماتُه في وُجوبِ الدَّفعِ حتَّى لو أَدَّى إلى قتلِ الصَّائلِ فلا ضَمانَ عليه … بل إنْ قُتِل الدَّافعُ بسبَبِ ذلك فهُو شَهيدٌ؛ لقولِه : «مَنْ قُتِل دونَ أَهلِه فهُو شَهيدٌ».

إلاّ إذا كان الدَّفعُ لا يُجدِي ولا يُفِيدُ.

ويُشترَط عند الشافعيَّةِ لوُجوبِ الدِّفاعِ عن عِرْضِه وعَرْضِ غيرِه: أنْ لا يَخاف الدَّافعُ على نَفسِه، أو عُضوٍ مِنْ أَعضائِه، أو على مَنفعةٍ مِنْ مَنافِعِ أعضائِه.

<<  <   >  >>