للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم يعود إلى دكان الطحان ويلقي عصاه ويتمثل:

وألقت عصاها واستقرت بها النوى ... كما قر عيناً بالإياب المسافر

قال علي بن ظبيان مررت يوماً بالكوفة فلما صرت في سكك همدان إذا أنا بعليان المجنون وفي يده قصبة فارسية مثل القناة وفي رأسها كبة قطن وعليها خرقة، وإذا هو يشد على الصبيان، فإذا أدركهم قالوا القصاص يا علي، ثم يلقي القصبة من يده، فلما رأيته تهيبت أن أمر بين يديه، فقال لي مر يا علي فلست منهم فمررت فلما حاذيته قلت من نوقش في الحساب عذب قال كلا يا علي ربنا أكرم من ذلك فإنه إذا قدر عفا، قلت له من العاقل؟ قال من حاسب نفسه وخاف ربه.

قال علي بن محمد الكناني كنت بمكة وعليان المجنون بها، وضربه الصبيان، وضربه بعض الفسقة بسكين فقطر منه الدم، فكنت أنظر إلى الدم يقطر على الأرض وبكيت له فبصرت ذلك في تسعة عشر موضعاً.

قال الإمام أبو يوسف القاضي رحمه الله كنت ماراً في طرقات الكوفة وإذا أنا بعليان المجنون فلما بصر بي سلم علي وقال لي أيها القاضي مسئلة قلت هات، قال أليس قال الله تعالى في كتابه العزيز " وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ". قلت بلى قال أليس قال الله عز وجل: " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير "، قلت بلى، قال فما نذير الكلاب، قلت لا أدري فأخبرني، قال لا والله لا أقول إلا بمن رقاق من شواء ونصف من فالوذج، فأمرت من جاء بها، ودخلت معه مسجداً فأكلها حتى أتى على آخرها، فقلت هات الجواب فأخرج من كمه حجراً وقال هذا نذير الكلاب! وقال له بعض الناس يوماً يا مجنون، فقال مهلاً إنما المجنون من عرفه ثم عصاه.

<<  <   >  >>