فكم من راو من الكذابين، قد تركه العلماء، ووهنوا أمره باعترافه بوضع الحديث، فهل ردوا اعترافه هذا بسبب كذبه لا؟ ! !
لا، لأن ذلك يقع موقع الإقرار، وإنما اعتمدوا قوله في إقراره هذا، لأن رده بجواز كذبه فيه؛ فيه فتح لأبواب السفسطة.
وقد أنكر الحافظ الذهبي - رحمه الله - في "الموقظة"(ص: ٣٧) على شيخه ابن دقيق العيد في قوله:
"إقرار الراوي بالوضع، في رده ليس بقاطع في كونه موضوعًا، لجواز أن يكذب في الإقرار".
قال الحافظ الذهبي:
"هذا فيه بعض ما فيه، ونحن لو افتتحنا باب التجويز والاحتمال البعيد لوقعنا في الوسوسة والسفسطة".
قلت: هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الثوري يستحيل عليه، وكذا على من تبعه من علماء الأمة أن يتواطؤوا على الخطأ في الاحتجاج بهذه الحكاية كما يزعم المؤلف، وإنما كان يعلم الثوري بصدق ما يرويه الكلبي من كذبه.
فقد أخرج ابن حبان في "المجروحين"(٢/ ٢٥٦) قال: قال لنا الثوري: اتقوا الكلبي، فقيل له: إنك تروي عنه؟ قال: أنا أعرف صدقه من كذبه.
ومن جهة ثالثة فإن اعتماد أهل الشأن لهذه الحكاية يؤكد صدقها