يتعبدون الله بأقوال العلماء وأحكامهم، وإنما يتعبدونه بنصوص الكتاب، وصحيح السنة، مما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما أجمعوا عليه مما لا خلاف فيه.
والتوسل بأحد المخلوقات في الدعاء من الأمور التعبدية التي لا تحل إلا بتوقيف يجيزها، وليس ثمة ما يدل على ذلك، بل الذي علُم بالضرورة من نصوص السنة أن الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - كانوا يتوسلون إلى الله تعالى في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - بدعائه، لا بذاته، وهذا ظاهر مما ورد في طلب الاستسقاء، واستشفاع الضرير بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهما حديثان صحيحان، وسوف يرد ذكرها ضمن الأدلة التي احتج بها المؤلف على جواز التوسل.
ثم بعد موته فقد كانوا يتوسلون بدعاء أهل الخير والصلاح، لا سيما إن كانوا من آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما توسل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بدعاء عم النبي - صلى الله عليه وسلم - العباس بن عبد الطلب - رضي الله عنه -، فلو كان التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - جائزًا، لكان توسل عمر به أولى من توسله بالعباس - رضي الله عنه -.
وهذا الأثر من أقوى ما يتمسك به. المتوسلون، وهو عمدتهم في الاحتجاج على جواز التوسل بالذوات، مع أن أهل العلم الذين تقدَّموا شيخ الإسلام قد حملوا هذا الأثر على أنه توسل بالدعاء لا بالذات، فأنا أذكر أقوالهم، بيانًا على ما ذكرناه من أن شيخ الإسلام