فالذي قرره في هذا الموضع أنه عند تعارض الرفع والوقف فالرفع مقدَّم، وقبلها بصفحات قليلة ناقض هذا القول، فقال (ص: ٢١٩) أن للمحدِّثين مسلكين في هذه المسألة، قال:
(فأولهما: إن الرفع زيادة ثقة، وهي مقبولة، إذ إن الحكم لمن أتى بالزيادة، وهو مذهب الخطيب البغدادي وجماعة من أئمة الفقه والحديث والأصول.
وثانيهما: الترجيح باعتبار القرائن ... ).
فلماذا لم يعتبر بالترجيح بالقرائن هنا كما فعل هناك؟ ! لسبب بسيط، وهو أن الترجيح بالقرائن سوف يفسد عليه حديثه، لا سيما وأن ثلاثة من الرواة قد رووه عن أسامة بن زيد موقوفًا، وخالفهم واحد فقط، فيه كلام من حيث الضبط.
ثم إن الذي قرره هذا من تقديم الرفع على الوقف إنما هو قول الفقهاء لا قول المحققين من أهل الحديث، لا سيما الأئمة المتقدمين من أهل العلم، وقد تقدَّم النقل عن العلماء كابن دقيق العيد، والعلائي، والحافظ ابن حجر ما يدل على ذلك.
وأما ترجيحه المرفوع بتعضيده بالمرسل المرفوع وبالشاهد المنكر عن ابن مسعود فلم أر من أهل العلم من فعلها قبله، أن يعضد الراجح بالمرجوح والمنكر، وإنما أراد بذلك التمويه على من لا علم له بهذه