"أما مسألة الدعاء، فقد جاء في بعض الأحاديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علَّم بعض الناس الدعاء في أقواله: "اللهم إني أقسم عليك بنبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -، نبي الرحمة"، وهذا الحديث إن صح، فينبغي أن يكون مقصورًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأنه سيد ولد آدم، وأن لا يُقسم على الله بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا في درجته، وأن يكون هذا مما خُصَّ به، تنبيهًا على عُلو درجته ومرتبته".
فإذا تدبرت هذه الفتوى تبين لك أمران هامان:
الأول: أنه علَّق حكمه على ثبوت الحديث، فقال:"إن صحَّ"، فالأمر المتنازع فيه إنما يُرد حكمه إلى الله والرسول، كما قال شيخ الإسلام - رحمه الله -.
الثاني: أنه حكم بجواز ذلك في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - إن صح الحديث، ولم يتعده إلى باقي الأنبياء، أو الأولياء، أو الملائكة أو الصالحين، ونحوهم، وهذا مخالف لما يروَج له جمهور المتوسلين اليوم.
ولكن لابد من التنبيه هنا أن الحديث الذي ذكره العز، لم أقف عليه بهذا اللفظ، وإنما هو بلفظ الاستشفاع، وفيه ما يدل على أن هذا الاستشفاع هو استشفاع بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسوف يأتي تخريجه قريبًا ضمن الأحاديث التي احتج بها المؤلف.