قال: وما سمع كثيرًا من أبيه، قلت: لم؟ قال: لأنه ما كان يمكِّنه من كتبه.
وثمة فرق كبير بين المناولة، وبين السماع والقراءة، بل المناولة تدل على أنَّه لَمْ يوافِ أباه بكتبه سماعًا، فكيف له أن يبني ظنًّا كهذا بتضعيفه، وهو لَمْ يسمع من أبيه، ويخالف من هو أوثق منه بمراحل كأبي حاتم الرازي.
وكذلك فثمة فارق كبير بين السؤال الذي حكم عليه الحافظ ابن حجر بأن الحكم فيه بالتضعيف ظن، وبين سؤال عبد الله للإمام أحمد، فالأول إنما نسب الرجل، وهذه النسبة لا تقتضي الجرح، فلعل عبد الله بن المديني بنى ظنه بالجرح على أنَّ أباه قد نسبه، وسكت فلم يتكلم فيه بشيء، وهذا لا يقتضي جرحًا.
وأما سؤال عبد الله بن أحمد فمقتضاه التضعيف للنكري، ذلك لأنه قد سأل أباه عن حديث صلاة التسبيح، فضعفه، وهذا يقتضي تضعيف رواية عبد الله بن عمرو بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في صلاة التسبيح، وهذه الرواية قد أخرجها أبو داود (١٢٩٨):
حَدَّثَنَا محمد بن سفيان الأبلي، حَدَّثَنَا حبان بن هلال أبو حبيب، حَدَّثَنَا مهدي بن ميمون، حَدَّثَنَا عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، قال: حدثني رجل كانت له صحبة .... فذكره.
قلت: ورواة هذا السند جميعهم موثقون إلَّا عمرو بن مالك