قلت: هاتان الروايتان دليل قوي على ما تقدَّم ذكره من أن المسجد إذا أُطلق أريد به مكان العبادة، وما يُقصد للتقرب، وإن كان بيتًا، أو قبرًا، وفي هذين الأثرين تحريم السفر إلى مواطن قبور الأنبياء ومقامات الصالحين، وما يؤتى للتقرب عنده للعبادة، بل في حديث أبي سعيد الخدري المرفوع:"لا تُشد رحال المطي إلى مسجد يُذكر الله فيه إلا ثلاثة مساجد ... "، دلالة ظاهرة على ذلك، من قوله:"مسجد يُذكر الله فيه"، والمسجد لفظ عام، وقد أطلقه النبي - صلى الله عليه وسلم - على قبور الأنبياء، فقال:"لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، وأطلقه النبي - صلى الله عليه وسلم - على عموم الأرض، فقال:
"وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا".
وقد تقدَّم أيضًا أنه يطلق على بيوت الموتى وهي القبور، وهذا هو فهم الصحابة، فليعتبر به أولو الأبصار والأفئدة.