العباس - رضي الله عنه - كما بيناه هنالك تفصيلًا، وكما في حديث الضرير، فإنما هو استشفاع بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا بجاهه كما تقدَّم تقريره في موضعه، وما بين مردودة من جهة السند وهي غالب الأحاديث التي احتج بها، وإن نافح عنها منافحة المستميت.
ثانيًا: التهويل بنسبة القول بالتوسل إلى أحمد، وجماعة من السلف، فيه نظر شديد، فإن عبارة الإمام أحمد - رحمه الله - كما تقدَّم بيانه مجملة، وهي تحتمل التوسل بالاتباع والإيمان به - صلى الله عليه وسلم -، كما تحتمل التوسل بجاهه عليه السلام، ومتى طرأ الاحتمال سقط الاستدلال، إلا أن الوجه الأول هو الأقرب للصواب، لأن الإمام أحمد - رحمه الله - قد نهى عن الاستعاذة بالمخلوق، وهي تنزل بمنزلة الدعاء، فكذلك الدعاء لا يكون بالمخلوق.
وثمة مسألة مهمة وهي: أن هذه المسألة مع خطورتها وعظم أمرها لم يستفض النقل فيها عن الإمام أحمد - رحمه الله - إلا ما ورد ضمن منسك المروزي هذا، وإن كان بعض أهل العلم قد نقل عنه كابن تيمية، وابن عبد الهادي، وغيرهما، إلا أنه لم يصلنا سنده حتى نتبين صحة نسبته إلى الإمام أحمد - رحمه الله -، فإنه قد نُسبت إليه بعض الكتب كرسالة الاصطخري وغيرها، قد حوت أحرف منكرة في الاعتقاد والسنة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الإمام أحمد - رحمه الله - كان ينهى عن وضع الكتب، لا سيما