للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وإنما أثبت له القربة والمنزلة عند الله تعالى فقط)، لا يقتضي جواز شفاعته، فليس ثمة قائل من البشر أجمعين أن ليس لآدم عليه السلام منزلة عند الله تعالى، ولا لموسى، ولا لعيسى الذي هو كلمة الله، ولا لإبراهيم الذي هو خليل الله تعالى، عليهم الصلاة والسلام، بل هؤلاء الأنبياء من أعظم الخلق منزلة عند الله تعالى، ومع ذلك فإنه سبحانه وتعالى لم يجعل لهم الشفاعة في الآخرة، وإن كان جعلها لهم في الدنيا بدعائهم إلى الله، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن ثبوت الشفاعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الآخرة لا تثبت جواز التشفع به في الدنيا بعد مماته - صلى الله عليه وسلم - إلا على وجه واحد يعود في حقيقته إلى التشفع والتوسل بالعمل الصالح وهو التشفع والتوسل بالإيمان به، وطاعته، والتزام سنته، وحبه - صلى الله عليه وسلم -.

وإن كان ذلك كذلك في حق الأنبياء، فهو في حق الأولياء أولى، فإنه لا يجوز التقدم على الله تعالى في إثبات منزلة عبد من عباده عنده من خيرية أو تقدم، فإن هذا لا يطلع عليه غير الله تعالى، ولا سبيل للبشر إلا الحكم بظواهر الأمور، والظواهر ليست بمسوغة للتألي على الله تعالى في معرفة حقائق البشر.

ثم قال المؤلف:

(ومن يعتقد أن إِخوانه السلمين يعتقدون أن التوسل به له تأثير فيكون قد كفَّرهم، ونصَّب نفسه مقام العارف بما في الصدور،

<<  <   >  >>