الأحاديث، هو أن الخلاف في مسألة التوسل هو خلاف في الفروع، ومثله لا يصح أن يشنع به أخ على أخيه، أو يعيبه).
ثم عاد أخرى فبدَّع، فقال في نفس الصفحة:
(وأن من قال بتحريم الزيارة المستوجبة لشد الرحل قد ابتدع وخالف النصوص الصريحة، وإطباق فقهاء مذهبه! ! فضلًا عن المذاهب الأخرى! ! ).
أقول: هاتان المسألتان وإن ذُكرتا في أبواب الفقه، إلَّا أن لهما تعلق عقدي متين، فكلاهما متعلق بتوحيد العبادة لله تعالى، وهو المسمى بـ "توحيد الألوهية"، وهذا ولا شك من أهم أبواب الاعتقاد.
ويدل على ذلك أن الأصل الذي كانت عليه زيارة القبور التحريم، كما تقدَّم في حديث النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان هذا متعلقًا بأهم مسائل العقيدة، وهي الاستعانة بغير الله تعالى، أو الاعتقاد في الموتى، ولذلك - ولأجل أن المسلمين آنذاك كانوا حديثي إسلام - نهى النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن زيارة القبور سدًّا للذرائع المفضية إلى ما كانوا عليه في الجاهلية، أو ما وقع لقوم نوح من عبادة الصالحين، واتخاذ النصارى قبور أنبيائهم مساجد، فلما تمكَّن الإسلام في قلوبهم،