استؤجر على نَسْخه جملة. وهذا خائن للَّه تعالى في تضييع العلم، وجعل الكلام بعضه غير مرتبط ببعض، ولمصنف الكتاب في بَتره تصنيفه وللذي استأجَرَه في سرقته منه هذا القدر. قال أصحابنا: ولو استأجره ليكتب شيئًا، فكتبه خطأ، أو بالعربية فكتبه بالعجمية، أو بالعكس، فعليه ضمان نقصان الورق، ولا أجرة له. قال النوويّ -ويقرِّب منه ما ذكره الغزالي في الفتاوى- إنه لو استأجره لنسخ كتاب، فغير ترتيب الأبواب، فإن أمكن بناء بعض المكتوب على بعض: بأن كان عشرة أبواب، فكتبَ الباب الأوَّل آخرًا منفصلًا، بحيث يبني عليه، استحقَّ بقسطه من الأجرة؛ وإلَّا فلا شيء له. واستفتى الشيخ الإمام الوالد رحمه اللَّه في ناسخ استأجرهُ مستأجر على أن ينسخ له ختمة بأجرة معيّنة، فتأخَّر الناسخ عن كتابتها مدَّة سنة، وفي تلك المدَّة جاد خطه، فهل له أن يطلب زيادة على تلك الأجرة لأجل جودة خطه، أو يختار الفسخ، فأفتي بأنه ليس له واحد من الأمرين؛ بل عليه كتابتها بتلك الأجرة. ومن يستأجر ناسخًا يبين له عدد الأوراق والأسطر في كل صفحة. واختلف في الحبر إذا لم يعيّن على من يكون، فالأصح الرجوع إلى العادة؛ فإن اضطربت وجب البيان، وإلَّا فيبطل العقد.
المثال الثمانون
الورّاق: وهي من أجود الصنائع. لما فيها من الإعانة على كتابة المصاحف، وكتب العلم، ووثائق الناس وعُهَدهم. فمِن شكر صاحبها نعمة اللَّه تعالى أن يرفق بطالب العلم وغيره، ويرجّح جانب من يعلم أنه يشتري الورق لكتابة كتب العلم، ويمتنع عن بيعه لمن يعرف أنه يكتب ما لا ينبغي: من البدع والأهواء ومن شهادات الزور والمرافعات وأنحاء ذلك.
المثال الحادي والثمانون
المجلِّد: وعليه نحو ما على الورّاق والناسخ.
المثال الثاني والثمانون
المذهِّب: ومن حقِّه ألَّا يذهب غير المصحف. وقد عرف اختلاف