هو عبد الوهاب بن عليّ بن عبد الكافي المعروف بتاج الدين السبكي، ولد بالقاهرة سنة ٧٢٨ هـ، وقال آخرون سنة ٧٢٩ هـ. وقد نشأ في بيت عريق في التقى والعلم فأبوه كان قاضي القضاة تقي الدين السبكي الذي تلقَّى العلم منه ومن علماء مصر كأبي حيان النحوي.
ولما أسند إلى والده قضاء الشام سنة ٧٣٩ هـ رحل معه واستقرَّ بدمشق واتَّخذها وطنه، وأخذ عن ضيوفها ومحدِّثيها كالذهبيّ والمزي وتفقَّه شافعيًا بابن النقيب، وقد أجازه بالفتيا ولم يبلغ العشرين بعد من عمره، كما تولَّى بعض وظائف التدريس في مدارس دمشق، ولمَّا توفي والده أخذ مكانه في قضاء الشام.
[أقوال العلماء فيه]
قال عنه ابن حبيب في كتابه "درَّة الأسلاك في تاريخ الأملاك": "إمامٌ كبير، وحاكمٌ حبير، ورئيسُ فَلَك مآثره أثير، وماجدُ فخر علومه في الآفاق مستطير. أغصان مكارمه باسقة، وأنهارُ فضائله دافقة، ولسانُ عبارته فصيحٌ تبجحت بمرافقته أرباب السياسة، وافتخرت بمقارنة تاجه رؤوس الرياسة، وانشرحَت بأحكامه صدور المجالس، وتأرَّجت بأنفاسه أرجاء المنابر والمدارس. سمع وقرأَ وكتب، وأخذ عهد والده قدوة أهل العلم والأدب. وأفادَ المشتغلين والطلّاب، وانتفعَ به كثير من الأولياء والأصحاب. درَّس بالعادلية والغزالية، والأمينية والناصرية، ودار الحديث الأشرفيّة، والشاميّة البرانيّة. وباشرَ القضاء بدمشق أربع مرَّات، ونالَ بخطابة الجامع الأمويّ أنواعًا من المسرَّات، وله مصنَّفات جمَّة الفوائد، منتظمة العقود والقلائد".