وهو من أقبح التنطع والبدع. ومن أدبه الاحتراز من ملاقاة ماء الوضوء ماءً طهورًا أو غيره. أمَّا الاستعانة في الوضوء بغيره فإن استعانَ بمن يحضر له الماء للطهارة فلا يكره. وإن استعان به ليصب عليه الماء -وهو ما يفعله الطشتدار- ففي كراهته خلاف للأصحاب؛ والأصح أنه لا يكره. وإن استعانَ به ليغسل أعضاءه فهو مكروه بلا خلاف؛ إلَّا أن تدعو إليه ضرورة؛ كما إذا كان أقطع، فتجب الاستعانة. وما يفعله أهل الدنيا من نصب أناس بالمرصاد لصبّ الماء على أيديهم عقيب الطعام ليس بمكروه؛ ولكنه زيادة في الدنيا. وكان الشيخ الإمام لا يفعله. وأمَّا الإستعانة في الوضوء فلمَّا طعن في السنّ كنت أراه يمكِّن من يصبّ الماء على يديه، ولا يمكِّن من صبه على رجليه. وكنت أفهم لذلك منه سرَّين: أحدهما أنه والحالة هذه لا يكون قد استعانَ في وضوئه بأحد بل في بعض وضوئه، والثاني أنَّ في الصب على الرجلين من الرعونة والتنطّع أكثر ممَّا في الصبّ على غيرهما.
المثال السادس والتسعون
الصيرفيّ: ومن حقِّه ألَّا يخلط أموال الناس بعضها ببعض. وأكثر الصيارف يخلطون فيصيرون عامة أموِال الخلق حرامًا، والناس لا يدرون. فهم إذًا في ذمة الصيارف. ومن حقه أيضًا معرفة عَقْد الصرف، وألَّا يبيع أحد النقدين بالآخر نسيئة بل نقدًا. ولو سلم صبي درهمًا إلى صيرفيّ لينقده لم يحل للصيرفيّ رده إليه، وإنَّما يرده إلى وليّه. ولو تلفَ في يد الصيرفي لزمه ضمانه. ولا يجوز تولية الذّميّ صيرفيًّا في بيت المال.
المثال السابع والتسعون
المُكارِي: ومن حقِّه التحفُّظ فيمن يُركِبه الدوابّ. ولا يحلُّ لمكار يؤمن باللَّه واليوم الآخر أن يُكري دابته من امرأة يعرف أنها تمضي إلى شيء من