احتياجها للحبك، والضِنَّة بها على من ليس من أهلها، وبذلها للمحتاج إليها، وأن يقدم في العارية الفقراء الذين يصعب عليهم تحصيل الكتب على الأغنياء. وكثيرًا ما يشترط الواقف ألَّا يخرج الكتاب إلَّا برهن يحرز قيمته؛ وهو شرط صحيح معتبر: فليس للخازن أن يعير إلَّا برهن؛ صرَّح به القفال في الفتاوى، والشيخ الإمام في تكملة شرح المهذَّب؛ وذكر أنه ليس هو الرهن الشرعي.
المثال الثامن والخمسون
شيخ الرواية: وعليه أن يُسمع المحدِّثين، ويستمعَ لما يقرؤونه عليه؛ لفظة لفظة، بحيث يصح سماعهم. ولْيصبرْ عليهم؛ فإنَّهم وفد اللَّه تعالى. ومتى وجد جزء حديث أو كتاب تفرَّد شيخ بروايته، كان فرض عين عليه أن يسمعه.
المثال التاسع والخمسون
كاتب غيْبَة السامعين: وعليه ضبط أسماء الحاضرين والسامعين، وتأمُّل من يسمع ومن لا يسمع، وألَّا يكون كاذبًا على النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: إنَّ فلانًا سمع ولم يسمع. فإن هو تساهلَ في ذلك فليتبوّأ مقعده من النار.
المثال الستوّن
الخطيب: عليه أن يرفع صوته بحيث يسمعه أربعون نفسًا من أهل الجمعة. فلو خطبَ سرًّا بحيث لم يُسمع غيره لم تصح على الصحيح. ولو رفع صوته قدرَ ما يبلغهم، ولكن كانوا كلّهم أو بعضهم صُمًّا فامتنع سماعه للصَّمم فالأصحّ لا يصح أيضًا. وأمَّا الالتفات في الخطبة، والدقُّ على دَرَج المنبر في صعوده، والدعاء إذا انتهى صعوده قبل أن يجلس، والمجازفة في وصف السلاطين عند الدعاء لهم، والمبالغة في الإِسراع في الخطبة الثانية، فكل ذلك مكروه. ولا بأس بالدعاء للسلطان بالصلاح ونحوه؛ فإن صلاحه صلاح المسلمين. ولا يطيل الخطبة على الناس؛ فإن وراءه الشيخ والضعيف والصغير