آمنا، أي ومن قبل صدقنا محمدًا، وقد كان قومنا يصلون للأوثان قبل؛ وقبل مقطوعة عن الإضافة بنيت على الفتح، وهي لغة؛ واللغة العالية بناؤها على الضم. وقيل: أراد النكرة، أي قبلًا، ثم حذف التنوين مضطرًا. وقال الآخر:
(فِرْ) فعل أمر من وفرَ له العطية: ومنه عطاء موفور. وعونة: امرأة رخّمها، فقال: عون. والمعنى: أعطِ عونة مالي. وأمَّا وها فدعاء مِن وهى، يهى إذا ضعف. ومان جمع مانة: البطن وهي أسفل السُّرَّة. يقول ضعُف مان الذين زعموا أنِّي بخلت. وقارون: المفعول الثاني ليعطيه، والأول: الهاء العائدة إلى ما الموصولة وفاعل يعطيه مضمر للعلم به كأنَّه قال: يعطيه اللَّه قارون. واعلم أن هذا بحر لا ساحل له وقد نظمت أبياتًا في أنواع من العلوم منها:
من قال: إنَّ الزنى والشرب مصلحة ... ولم يقل: هو ذنب غير مغتفر؟
من قال: سفك دماء المسلمين على الـ ... ـصلاة أوجبه الرَّحمن في الزبر؟
من قال: إنَّ نكاح الأم يقرب من ... تقوى الإله مقالًا غير مبتكر؟
من كان والدُها ابنًا في الأنامِ لها ... وذاك غير عجيبٍ عند ذي النظر؟
من الفتاة لها زوجان ما برحا ... تزوجت ثالثًا حِلَّا بلا نكر؟
من أبصرت في دمشق عينه صنما ... مصوّرًا وهو منحوت من الحجر؟
إن جاع يأكل وإن يشرب تضلَّع من ... ماء نَمير زُلال ثَمَّ منهمر
ولو أخذنا في الإكثار من هذا وشرحه لخرجنا عمَّا نحن بصدده. والغرض أنَّ هذه الطائفة راعت الألفاظ، فأتيت من قِبَل المعاني، كما راعت طائفة المعاني، فأتيت من قبل الألفاظ. ألا ترى إلى قول بعضهم، في {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} إنَّ (ثمود) مفعول مقدَّم، وهذا خطأ؛ فإنَّ لِمَا النافية الصدر، ولا يعمل ما بعدها فيما قبلها. وقال بعضهم في "قليلًا ما يؤمنون" إنَّ ما بمعنى مَنْ، ولو كان كذلك لرفع قليل على أنه خبر، والأمثلة في هذا أكثر من الأوَّل. ومنهم من تعمَّق في الأدب، فصار أكثر كلامه مسجوعًا، ثم انتهى الحال به إلى أن وقع في الكنيف فجاؤوه بكنَّافَين. فكلَّمه أحدهما لينظر: أهو حيٌّ؟ فقال: اطلبا لي حبلًا دقيقًا، وشدَّاني شدًّا وثيقًا، واجذباني جذبًا رفيقًا. فقال أحدهما: أنَّا واللَّه