وربما كان التأويل في الظاهر بينا بنفسه, وربما احتيج إلى تبيين, وربما كان ذلك ظنا أكثريا, وربما كان قطعا. مثال ما كان من ذلك بينا بنفسه وكان قطعا قولهم:(وما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم) , ومثال ما كان من ذلك بينا بدليل قطعي قوله تعالى:{الرحمان على العرش استوى} فإنه قد علم بدليل قطعي أن الاستواء ههنا ليس هو التمكن.
١٦٩-وأما الصنف الثاني من اللفظ الظاهر, وهو الذي سمّيناه المبدل, فهو أيضا صنفان: أحدهما اللفظ الكلي, والثاني اللفظ الجزئي. ولنجعل نظرنا من ذلك أولا في الكلي وهو العام. والعام أصنافه كثيرة, وقد نازع قوم في وجود معنى العموم في الألفاظ وكونه إذا ورد مطلقا ظاهرا في حصر جميع ما يدل تحته. ولا معنى لمنازعتهم, فإن الأمر ظاهر, بل هو شيء مشترك لجميع الألسنة واللغات. والشرع لم يتصرف في تغييره بوضع عرفي. والحجة على كونه دليلا شرعيا هي الحجة على كون الظاهر بما هو ظاهر دليلا شرعيا. وقد تقدم ذلك.
١٧٠-وأصناف هذه الألفاظ كثيرة: فمنها أسماء الجموع, دخلتها الألف واللام أو لم تدخلها. ومنها أسماء الأجناس والأنواع والأصناف إذا كان فيها الألف واللام ولم تكن في آخرها هاء التأنيث مثل الثمرة والنخلة والمرأة. ومنها من وما, إذا أوردت, وأين ومتى. ومنها حروف النفي. ومنها الألفاظ المؤكدة كقولهم كلهم وأجمعون. وهذه الأصناف إذا أطلقت إطلاقا حملت على الأكثر على عمومها إلى أن يدل الدليل على تخصيصها, ولها أيضا مراتب في الظهور, كما كانالصنف الأول. ولأدلتها أيضا مراتب بحسبها لأنه أبدا يشترط في الدليل المؤوّل أن يكون أقوى دلالة من صيغة اللفظ, مثال ما منها في: