استقرَّ في القلوب، فلا يكون من التقوى في شيء، فالذي ينفق المال لا يريد به الله، والذي يرائي بصلاته، والذي يفي بالعهد حفاظاً على شرفه ومروءته، أعماله ليست من التقوى في شيء.
يدلُّنا على ذلك أن مكان التقوى القلب، قال تعالى:{وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمُ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[المائدة: ٧] أمر الله - تبارك وتعالى - عباده المؤمنين بالمواظبة على التقوى، ثم أعلمهم أنه يعلم ما في صدروهم من الأسرار والخواطر، وقد نهى رسولنا - صلى الله عليه وسلم - عن الأعمال التي توقع البغضاء والشحناء بين العباد، وأمرنا أن نكون عباد الله إخواناً، ونهانا عن ظلم إخواننا وخذلانهم واحتقارهم، وأخبرنا أن التقوى في القلوب، فقال:«لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعضٍ، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا» ويشير إلى صدره ثلاث مرات. [مسلم عن أبي هريرة: ٢٥٦٤].
قال النووي:"قوله - صلى الله عليه وسلم -: «التقوى ها هنا» ويشير إلى صدره ثلاث مرات، وفي رواية:«إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم»[مسلم: ٢٥٦٤] معنى الرواية الأولى أن الأعمال الظاهرة لا يحصل بها التقوى، وإنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته"[شرح النووي على مسلم: ١٦/ ٩٤].
وقال ربُّ العزة في الهدي الذي نحره أصحاب رسوله - صلى الله عليه وسلم - في الحج:{لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}[الحج: ٣٧].
فالله تبارك وتعالى لا يصل إليه اللحوم والجلود والدماء، وإنما يصل إليه سبحانه ما يقع في قلب العبد وهو يقدم الهدي والأضحية من تعظيم لرب