أنه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُّحْسِنُونَ}[النحل: ١٢٨].
[المطلب الرابع إنما يتقبل الله من المتقين]
أخبرنا ربنا - عز وجل - أن ولدين من ذرية آدم قدَّم كلُّ واحد منهما قرباناً لله عز وجل، فتقبل الله من أحدهما، ولم يتقبل من الآخر، فقال الذي لم يتقبل الله قربانه لأخيه الذي تقبل الله قربانه: لأقتلنك، فقال له:{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ}[المائدة: ٢٧]، قال تعالى:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ}[المائدة: ٢٧].
فعلة عدم قبول الله لمن تقربوا إليه بقرابين هو عدم وجود التقوى عند هؤلاء، ولو وجدت التقوى في قلوبهم لتقبل الله قرابينهم ونذورهم، ولو كانت قليلة، فقد كان المنافقون يلمزون المطوعين من المؤمنين، الذين لا يجدون من المال إلا النزر اليسير، فيسخرون منهم، فتهدد الله المنافقين اللامزين وتوعدهم، وأثنى على المؤمنين المتقربين بالمال اليسير الذي تقربوا به {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابُ أَلِيمُ}[التوبة: ٧٩].
وحسب المتقين أن العمل لا يتقبل إلا منهم، قال الفيروز آبادي: "ثم تأمل أصلاً واحداً، هب أنك جاهدت وثابرت جميع عمرك في العبادة، وعشت ما عشت، وحصل لك من العنايات ما حصل، أليس ذلك كله متوقفاً على