والمفلحون الفائزون السعداء في يوم الدين، هم الذين يبيض الله وجوههم، ويثقل في يوم القيامة موازينهم، ويسوقهم في ذلك اليوم إلى الجنة خالدين فيها، ونعم عقبى المتقين {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}[المجادلة:٢٢]، وهؤلاء المفلحون هم حزب الله {أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}[المجادلة: ٢٢].
[المطلب الخامس عشر الأتقياء إخوة في الله]
الأتقياء من هذه الأمة على دين واحد، وملة واحدة، ربهم واحد، ورسولهم واحد، وقبلتهم واحدة، ولذلك فإنه يرجى أن يكونوا متحابين فيما بينهم، كما تآلفت قلوبهم في الله وعلى طاعته {فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}[آل عمران: ١٠٣]، ولذا فإنه إذا وقع بينهم ما يكدِّر العلاقة سارع الآخرون إلى الإصلاح فيما بين المتخاصمين، كما قال عز وجل:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}[الحجرات: ١٠].
وأخبرنا ربنا عز وجل أن الأخلاء المتحابين تتحول محبتهم في يوم الدين إلى عداوة وبغضاء، إلا المتقين، فإن إخوتهم تشتد وتدوم، {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوُّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ}[الزخرف: ٦٧] ذلك أن محبة المؤمنين كانت في الدنيا لله تعالى، وما كان لله دام واتصل، وما كان لغيره زال وانفصل.