هذا رجل قلَّ نظيره من الرجال، طلب حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجال في المشارق والمغارب، وجمع من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من حمل اثني عشر بعيراً، كان يحفظها كلها.
ووقف في وجه الخليفة المأمون ومن ورائه المعتصم، اللذين أرادا أن يقررا العقيدة الباطلة التي تزعم أن القرآن مخلوق، فوقف في وجوههما، وقوف الجبال الشمِّ الراسيات، وحفظ الله به دين المسلمين، لم تلن قناته، ولا وهن عزمه، ولا هدَّته السياط التي أنزلها الحكام على جسده.
وابتلي بالدنيا، فقد قربه الخلفاء، وأغدقوا عليه الدنيا، فأبى أن يدنس نفسه بمتاعها الفاني، ومتعها الزائلة، علَّم العلم، وهدى الخلق، ووقف نفسه على ربه، فعاش إماماً، ومات إماماً، فأحبته الأمة حيّاً وميتاً، رحمه الله رب العالمين.
ترجمته:
١ - التعريف به ونسبه: قال ابن الجوزي: أحد بن محمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني، جيء به من مرو حملاً، فولد في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة، فأما نسبه فأخبرنا أبو منصور القزاز قال: أبنأنا أبو بكر بن ثابت، قال: أنبأنا أحمد بن عبد الله الحافظ: أنبأنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: أنبأنا عبد الله ابن أحمد، حدثنا أبي أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب