تحدثت عن المتقين والتقوى فيما مضى، وسأسوق في هذا البحث شيئاً عن المتقين وقصصهم وأخبارهم، وهي قصص موثقة، بعضها مستمد من القرآن وبعضها من كتب السنّة النبوية الصحيحة، وبعضها مستمدة من تراجم الرجال التي دونها الفضلاء من أهل العلم.
وهذه القصص تحوي أنواعاً من أهل الفضل اختلفت أزمنتهم، كما اختلفت أعمالهم وإنجازاتهم، ولكنهم جميعاً يضمهم إطار واحد، فهم جميعاً من أهل التقوى، لقد ترجم كثيرون للأتقياء، ولكن في تراجم وسير بعض الذين ترجم لهم بعض الخلل في مقاصدهم أو أعمالهم أو عبادتهم، بل أدخلوا فيهم من ليس منهم، فقد أدخلوا فيهم بعض المجانين، أو من يسمونهم عقلاء المجانين، وأدخلوا فيهم من ليس له بصيرة بالعبادة والقيم والأخلاق.
لقد أدخلت في المتقين في هذا المبحث ملكة مصر التي كانت امرأة فرعون، فرفضت الملك، ورضيت بالإسلام، وطلبت الجنة، وأدخلت فيهم مؤمن آل فرعون، الذي وقف بجانب الحق، وصدع بالحق في مجلس فرعون وزبانيته.
وأدخلت فيهم بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، منهم القائد الفذّ خالد ابن الوليد، ومنهم الذي ولي مدينة من المدن، ومنهم الذي التزم بالإسلام، ولم يجامل فيه أحداً، ومنهم بعض التابعين وأتباع التابعين، وبعض هؤلاء أعطاه الله الجمال، فطمعت فيه النساء فاستعصم، وبعضهم أصبح خليفة، فأقام الدين، وأحقَّ الحقَّ وأبطل الباطل.