للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - قوة عاصم في دينه: فقدم ناس من هذيل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألوه أن يوجه معهم من يعلِّمهم، فوجَّه عاصماً في جماعة، فقال لهم المشركون: استأسروا، فإنا لا نريد قتلكم، وإنما نريد أن ندخلكم مكة، فنصيب بكم ثمناً. فقال عاصم: لا أقبل جوار مشرك، وجعل يقاتلهم حتى فنيت نبله، ثم طاعنهم، حتى انكسر رمحه، فقال: "اللهم إني حميت دينك أول النهار فاحم لحمي آخره" فجرح رجلين وقتل واحداً، وقتلوه، فأرادوا أن يحتزّوا رأسه فبعث الله الدَّبر (١). فحمته، ثم بعث الله إليه سيلاً في الليل فحمله، وذلك يوم الرَّجيع (٢).

وعن بريدة بن سفيان الأسلمي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث عاصم بن ثابت وزيد بن الدَّثنة، وخبيب بن عدي، ومرثد بن أبي مرثد، إلى بني لحيان بالرجيع فقاتلوهم، حتى أخذوا أماناً لأنفسهم إلا عاصماً فإنه أبى، وقال: لا أقبل اليوم عهداً من مشرك، ودعا عند ذلك، فقال: اللهم إني أحمي لك دينك، فاحم لي لحمي، فجعل يقاتل وهو يقول:

ما علّتي وأنا جلدٌ نابل ... والقوس فيها وترٌ عنابل

إن لم أقاتلهم فأمي هابل ... الموت حقّ والحياة باطل

وكلُّ ما حمَّ الإله نازل ... بالمرء، والمرء إليه آئل

قال: فلما قتلوه قال بعضهم لبعض: هذا الذي آلت فيه المكية وهي سلافة، فأرادوا أن يختزّوا رأسه ليذهبوا به إليها، فبعث الله عز وجل رجلاً من


(١) ذكور النحل، أو الزنابير.
(٢) كان ذلك سنة ٣ هـ، والرجيع: ماء لبني هذيل قرب مكة.

<<  <   >  >>