للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدماً (١) كثيراً، ولم يتركوا من بطارقته بطريقاً (٢) إلا أهدوا له هدية، ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي وعمرو بن العاص، وقالوا لهما: ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا النجاشيّ فيهم، ثم قدِّموا إلى النجاشي هداياه، ثم سلوه أن يسلمهم إليكم قبل أيكلمهم.

فخرجا فقد ما على النجاشي، فدفعا إلى كل بطريق هديته، وقالا: إنه قد صبأ إلى بلدكم منا غلمانٌ سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا ي دينكم، وجاؤوا بدين مبتدع، وقد بعثنا إلى الملك فهمهم أشراف قومهم ليردّهم إليهم، فإذا كلّمنا الملك فيهم، فأشيروا إلى الملك بأن يسلمهم إلينا، ولا يكلمهم، فإن قومهم أعلى بهم عيناً، فقالوا: نعم.

ثم قربوا هداياهم إلى النجاشي، فقبلها منهم، ثم كلَّماه فقالا له: أيها الملك، إنه قد صبأ إلى بلدك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه، نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عيناً، وأعلم بما عابوا عليهم، فقالت بطارقته: صدقوا، فأسلمهم إليهما.

فغضب النجاشي، ثم قال: لا، هيم الله (٣) إذاً لا أسلمهم إليهما، ولا أكاد (٤) قوماً جاوروني، نزلوا بلادي، واختاروني على من سواي، حتى


(١) الأدم: الجلد وهو اسم جمع.
(٢) البطارقة: يراد بهم الوزراء، جمع بطريق، ومعناه في الأصل: الحاذق بالحرب وأمورها بلغة الروم، وهو ذو منصب وتقدم عندهم.
(٣) هيم الله: من ألفاظ القسم.
(٤) كاده يكيده: خدعه ومكر به.

<<  <   >  >>