للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أبو ذر يبحث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مكة: قال أبو ذر: فانطلقنا حتى نزلت بحضرة مكة، وانطلق أخي أنيس فراث (١) عليّ فقتل: ما حبسك؟ قال: لقيت رجلاً يزعم أن الله عز وجل أرسله على دينك، قال: فقلت: ما يقول الناس فيه؟ قال: يقولون: إنه شاعر وساحر وكاهن.

قال أنيس: قد سمعت قول الكهان فما يقول بقولهم، وقد وضعت قوله على أقراء الشعراء (٢) فو الله ما يلتام، ووالله إنه لصادق وإنهم لكاذبون.

٣ - ما أصاب أبا ذر من الأذى حين سأل أهل مكة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: قال: فقلت له: هل أنت كافيَّ حتى أنطلق فأنظر؟ قال: نعم فكن من أهل مكة على حذر، فإنهم قد شنفوا له (٣) وتجهموا له. فانطلقت حتى قدمت مكة فتضعفت (٤) رجلاً منهم فقلت له: أين هذا الرجل الذي يدعونه الصابئ؟ قال: فأشار إليّ. قال: الصابئ. قال: فمال أهل الوادي عليّ بكل مدرة (٥) وعظم حتى خررت مغشياً عليّ، فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر، فأتيت زمزم فشربت من مائها، وغسلت عني الدم، فدخلت بين الكعبة وأستارها، فلبثت به يا بن أخي ثلاثين، من بين ليلة ويوم، ما لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عكن (٦) بطني، وما وجدت في كبدي سخفة (٧) جوع.


(١) أبطأ.
(٢) عبارة النهاية: (٤/ ٣١): (لقد وضعت قوله على أقراء الشعراء فلا يلتئم على لسان أحد) قال: (أي على طرق الشعر وأنواعه وبحوره، وأحدها: قرء، بالفتح).
(٣) أي أبغضوه، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٤) أي: استضعفت.
(٥) المدرة: القطعة من الطين.
(٦) العكنة: ما انطوى وتثنى من لحم البطن، جمع عكن.
(٧) سخفة الجوع: رقّته وهزاله. أو الخفة التي تعتبري الإنسان إذا جاع.

<<  <   >  >>