للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى البخاري من حديث أبي هريرة قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة عيناً (١)، فأمر عليهم عاصم بن ثابت حتى إذا كانوا بالهدة (٢) بين عسفان ومكة ذكروا لحيٍّ من هذيل، يقال لهم بنو لحيان، فنفروا إليهم بقريب من مائة رجل رامٍ، فاقتصوا آثارهم، حتى وجدوا مأكلهم التمر في منزلٍ نزلوه، فقالوا: تمر يثرب، فاتبعوا آثارهم، فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى موضع، فأحاط بهم القوم فقالوا لهم: انزلوا، فأعطوا بأيدكم، ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحداً.

فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فرموهم بالنبل، فقتلوا عاصماً في سبعة، ونزل إليهم نفر على العهد والميثاق: منهم خبيب، وزيد بن الدَّثنة، ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، فو الله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء أسوة، يريد القتلى، فجرّروه وعالجوه، فأبى أن يصحبهم، فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة، حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر، فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل خبيباً، وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسيراً حتى أجمعوا قتله، فاستعار من بعض بنت الحارث موسى ليستحد بها فأعارته فدرج بنيٌّ لها وهي غافلة حتى أتاه فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده، قالت: ففزعت فزعة عرفها خبيب، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك، قالت: والله ما رأيت أسيراً قط خيراً من خبيب، والله لقد وجدته يوماً يأكل قطفاً من عنب في يده، وإنه لموثق


(١) أي عشرة من المخبرين أو الرصد.
(٢) الهدّة (بتشديد الدال وقد تخفف): موضع بين عسفان ومكة.

<<  <   >  >>