للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمير المؤمنين إنك أفقرت أفواه ولدك من هذا المال، وتركتهم عيلةً (١) لا شيء لهم، فلو وصّيت بهم إليّ، وإلى نظرائي من أهل بيتك.

قال: فقال: أسندوني، ثم قال: أما قولك إني أفقرت أفواه ولدي من هذا المال، فو الله إني ما منعتهم حقاً هو لهم، ولم أعطهم ما ليس لهم، وأما قولك: لو أوصيت بهم، فإن وصيي وولي فيهم الله الذي نزّل الكتاب، وهو يتولى الصالحين، بنيَّ أحد الرجلين، إما رجل يتقي الله، فسيجعل الله له مخرجاً، وإما رجل مكبّ على المعاصي، فإني لم أكن أقوّيه على معاصي الله.

ثم بعث إليهم، وهم بضعة عشر ذكراً، قال: فنظر إليهم فذرفت عيناه، ثم قال: بنفسي الفتية الذين تركتهم عيلةً لا شيء لهم، فإني بحمد الله قد تركتهم بخير، أي بنيّ إن أباكم مثل بين أمرين: بين أن تستغنوا، ويدخل أبوكم النار، أو تفتقروا ويدخل أبوكم الجنة، فكان أن تفتقروا، ويدخل الجنة أحبَّ إليه من أن تستغنوا ويدخل النار. قوموا عصمكم الله.

١١ - وفاة عمر بن عبد العزيز: وعن ليث بن أبي رقبة، عن عمر: أنه لما كان مرضه الذي قبض فيه، قال: أجلسوني، فأجلسوه، ثم قال: أنا الذي أمرتني فقصّرت، ونهيتني فعصيت، ولكن لا إله إلا الله، ثم رفع رأسه وأحدَّ النظر، فقالوا: له إنك لتنظر نظراً شديداً، فقال: إني لأرى حضرةً ما هم بإنسٍ ولا جانٍ، ثم قبض - رضي الله عنه -.

اسند عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وعبد الله ابن جعفر بن أبي طالب، وعمر بن أبي سلمة، والسائب بن يزيد، ويوسف بن عبد الله بن سلام.


(١) العيلة: الفقر.

<<  <   >  >>